ندى عبد الصمد توثّق في كتابها الجديد حكايات يهود لبنان في وادي أبو جميل

كتاب حين أنطفأت شرفات اليهود في وادي أبو جميل-الشرق الأوسط
أصدرت الصحفية اللبنانية ندى عبد الصمد كتابًا جديدًا بعنوان "حين انطفأت شرفات اليهود في وادي أبو جميل"، توثّق فيه قصص يهود لبنان الذين عاشوا في قلب بيروت قبل أن تفرّقهم الحروب والهجرة، وفق ما ذكرت رويترز.
ويمزج الكتاب بين الشهادات الواقعية والسرد الروائي لاستعادة ملامح مجتمع كان جزءًا من النسيج الاجتماعي في وادي أبو جميل، حيث لا يزال كنيس ماجين إبراهام المهجور شاهدًا على مرحلة تاريخية اندثرت. وبحسب رويترز، فإن الكتاب الصادر عن دار رياض الريّس للكتب والنشر يُعدّ استكمالًا لجزء أول صدر عام 2010، وثّقت فيه الكاتبة وجود اليهود في لبنان عبر قصص وأماكن ومعابد ما زالت تحمل آثارهم.
وأوضحت عبد الصمد في تصريح لـرويترز أن القصص الواردة في العمل "حقيقية حصلت في الواقع لأشخاص عاشوا في منطقة وادي أبو جميل، رواها جيرانهم وأصدقاؤهم"، مشيرة إلى أنها استخدمت أسماءهم الحقيقية مع إدخال تعديلات طفيفة على بعضها.
ويستعرض الكتاب، وفقًا لما نقلته رويترز، بدايات هجرة اليهود من لبنان التي وُصفت بـ"الخروج الصامت"، إذ كان بعضهم يغادر إلى إسرائيل ودول أخرى عبر قبرص من خلال مكاتب سرّية تُنظّم الهجرة لصالح الوكالات اليهودية. وتكشف الكاتبة أن الحوافز المالية لعبت دورًا في جذب اليهود الفقراء للهجرة.
ومن بين القصص التي يتناولها الكتاب حكاية ماري السمن اللبنانية المسيحية وسليم مزراحي العراقي اليهودي، اللذين تعارفا خلال مظاهرة يسارية في خمسينيات بيروت، وتزوّجا لاحقًا وعاشا في وادي أبو جميل. إلا أن حرب عام 1967 غيّرت الأجواء في لبنان، فغادرت العائلة إلى إسرائيل عام 1970، وانقطعت أخبارها حتى اجتياح بيروت عام 1982، عندما عاد الابن ماركو مزراحي ضابطًا في الجيش الإسرائيلي لزيارة جيرانه القدامى في الحي، بحسب رويترز.
ويتضمن الكتاب أيضًا قصة شولا كوهين، المعروفة بلقب "لؤلؤة الموساد"، وهي يهودية لبنانية عاشت في وادي أبو جميل وتزوّجت من أحد كبار تجّار الأقمشة في لبنان. ووفق رويترز، فقد بدأت شولا تعاونها مع الاستخبارات الإسرائيلية عبر تهريب اليهود السوريين من بلدة المطلة الحدودية، ثم توسعت شبكة علاقاتها داخل لبنان لتشمل شخصيات سياسية وأمنية رفيعة.
وتوضح عبد الصمد في حديثها لـرويترز أن شولا "خرقت أجهزة أمنية وسياسية وجنّدت أفرادًا في مواقع حساسة لجمع معلومات عن الجيشين اللبناني والسوري". وأشارت الوكالة إلى أنه رغم توقيفها عدة مرات، كانت تُفرج عنها سريعًا بوساطات نافذة قبل أن تُدان عام 1963 بتهمة التجسس، وتحكم عليها المحكمة بالإعدام الذي خُفف لاحقًا إلى 20 عامًا.
أمضت شولا سبع سنوات في سجن النساء بمنطقة رمل الظريف في بيروت، قبل أن تُبادَل بأربعة جنود لبنانيين أسرهم الجيش الإسرائيلي في بلدة العديسة الجنوبية، وفق ما ذكرت رويترز.
ويقع الكتاب في 349 صفحة من القطع المتوسط، وأعدّته الكاتبة بالتعاون مع مجموعة من الأكاديميين. وتصف عبد الصمد عملها بأنه "مزيج من القصص والوقائع كما حدثت، صيغت بأسلوب روائي يطبع ذاكرة اللبنانيين". ويُختتم الكتاب بقصة مؤثرة عن ليزا سرور، وهي يهودية لبنانية بقيت في وادي أبو جميل حتى وفاتها نتيجة التهاب تسبّبت به خدوش قطة.