Contact Us
تكنولوجيا

أسهم "ميتا" تتراجع بأكبر انخفاض منذ 3 سنوات وسط قلق من الإنفاق الزائد على الذكاء الإصطناعي

Gemini_Generated_Image_hqdw8xhqdw8xhqdw

في الأسبوع الذي خفّض فيه مجلس الإحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة، واجتمع فيه اهتمام الأسواق على تقارير أرباح الشركات، خطف الذكاء الإصطناعي الأضواء من كل الأحداث الاقتصادية الأخرى.

وبحسب تقرير نشرته وكالة بلزمبيرغ، فقد أظهرت نتائج الشركات التكنولوجية الكبرى من مايكروسوفت إلى ميتا وأمازون غوغل (Alphabet) أن سباق الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الإصطناعي لا يزال في ذروته، رغم تزايد الأسئلة حول العائد الحقيقي من هذا الإنفاق.

ورغم أن مؤشري S&P 500 وNasdaq 100 حققا مكاسب أسبوعية ولامسا مستويات قياسية جديدة، إلا أن الأسواق أظهرت حساسية غير مسبوقة تجاه النتائج التي لم تُترجم إلى نمو ملموس في الإيرادات، ما كشف عن تصدّعات في "حالة التفاؤل المفرط" التي رافقت ثورة الذكاء الإصطناعي منذ عام 2023.

منذ الطفرة الأولى في الذكاء الإصطناعي التوليدي التي أحدثتها شركة OpenAI بإطلاق "ChatGPT" أواخر 2022، دخلت شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى سباقًا محمومًا للاستثمار في الخوادم الفائقة، ومعالجات الرسوميات، ومراكز البيانات.

فقد أعلنت مايكروسوفت عن ضخ عشرات المليارات في شراكتها مع OpenAI، بينما أنفقت Google أكثر من 50 مليار دولار منذ 2023 على تطوير البنية التحتية السحابية الخاصة بها.

إلا أن هذا الإندفاع الإستثماري بدأ يصطدم بواقع جديد: المستثمرون يريدون عائدًا فعليًا وليس مجرد وعود مستقبلية.

يقول كيفن غوردون، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في شركة Charles Schwab & Co.، في تصريح لبلومبيرغ.

"بدأنا نرى نوعًا من الانضباط المالي يفرضه المستثمرون على الشركات... وفي نهاية المطاف، سيتعين على الجميع تقديم دليل واضح على العائد من هذه الاستثمارات الضخمة."

. نمو الإيرادات.. المعيار الجديد للثقة

لم يعد ضخّ الأموال في مشاريع الذكاء الاصطناعي كافيًا لإرضاء الأسواق.

فقد أوضحت Bloomberg Intelligence أن المستثمرين باتوا يركّزون اليوم على الشركات التي تحوّل استثماراتها إلى نمو ملموس في الإيرادات، وليس مجرد توسع في البنية التحتية.

في هذا السياق، أعلنت Alphabet، الشركة الأم لغوغل، أن إيرادات منتجاتها المعتمدة على نماذج الذكاء الإصطناعي التوليدي تضاعفت ثلاث مرات في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالعام الماضي، كما ارتفعت مبيعات Google Cloud بنسبة 34% لتصل إلى 15.2 مليار دولار، متجاوزة تقديرات المحللين وفقاً لبلومبيرغ.

من جهتها، كشفت أمازون عن نمو قوي في خدماتها السحابية AWS، بينما أعلن الرئيس التنفيذي آندي جاسي عن إطلاق مساعد تسوق ذكي يعتمد على الذكاء الإصطناعي، متوقعًا أن يُضيف نحو 10 مليارات دولار سنويًا إلى الإيرادات.

أما Meta Platforms، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام، فقد واجهت انتكاسة حادة بعد أن هوى سهمها بأكثر من 12% في يوم واحد وهو أكبر انخفاض يومي منذ ثلاث سنوات بسبب مخاوف من الإفراط في الإنفاق على الذكاء الإصطناعي دون نتائج ملموسة.

ووفقًا للمحلل آلن بوند من شركة Jensen Investment Management:

"هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها الإنفاق الرأسمالي الكبير لا يُكافأ في السوق... فهناك اليوم تركيز متزايد على العائد على رأس المال المستثمر."

الضوء الأخضر لموجة الذكاء الاصطناعي: المستفيدون الجدد

رغم هذا الحذر، فإن الإقبال على الذكاء الإصطناعي لم يفقد زخمه.

فبحسب بلوملبيرغ، رأى المستثمرون في استمرار الإنفاق الكبير من قبل شركات التكنولوجيا العملاقة إشارة إيجابية لاستمرار طفرة الذكاء الاصطناعي التي غزت قطاعات الإقتصاد الأميركي.

كانت Nvidia المستفيد الأكبر، إذ قفزت أسهمها بنحو 9% خلال الأسبوع لتصبح أول شركة في التاريخ تتجاوز قيمتها السوقية 5 تريليونات دولار، بفضل هيمنتها على سوق معالجات الذكاء الاصطناعي.

وحققت شركات أخرى مكاسب مماثلة: Seagate وWestern Digital ارتفعتا بأكثر من 4%، وCaterpillar Inc. صعد سهمها 10% نتيجة الطفرة في بناء مراكز البيانات العملاقة.

حتى Apple، التي تتخذ موقفًا أكثر تحفظًا في مجال الذكاء الاصطناعي، حققت ارتفاعًا بنسبة 2.9% في أسهمها بفضل استقرار نتائجها التشغيلية، وفقًا للبيانات التي أوردتها بحسب بلومبيرغ.

أرباح تتجاوز التوقعات... وعودة الثقة إلى السوق

أظهرت بيانات Bloomberg Intelligence أن شركات "السبعة الكبار" وتشمل Microsoft، Apple، Alphabet، Amazon، Meta، Tesla، وNvidia حققت نموًا في الأرباح بلغ 27% خلال الربع الثالث، مقارنة بـ 15% كانت متوقعة قبل موسم النتائج.

أما مؤشر S&P 500 الأوسع، فبلغ نمو أرباحه نحو 13% حتى الآن.

يقول غوردون من "شواب":

"كانت التقديرات مرتفعة أصلًا قبل إعلان النتائج، ومع ذلك ما زالت الشركات تتجاوزها... وهذا يُظهر أن قطاع التكنولوجيا لا يزال العمود الفقري للسوق الأميركي."

هذا الأداء الإيجابي ساعد على استقرار معنويات المستثمرين بعد فترة من القلق بشأن المبالغة في تقييم أسهم التكنولوجيا، التي تمثل اليوم أكثر من 30% من القيمة السوقية لمؤشر S&P 500.

ورغم موجة التفاؤل، يبقى الاختبار الحقيقي أمام قطاع الذكاء الإصطناعي بانتظار نتائج Nvidia في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، إذ تُعتبر الشركة المؤشر الأوضح على صحة "اقتصاد الذكاء الإصطناعي".

وكان الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ قد قدّم خلال مؤتمر في واشنطن توقعات قوية للنمو في الطلب على معالجات الذكاء الاصطناعي، ما رفع سقف الترقب بين المستثمرين.

لكن أي تراجع في النتائج أو تباطؤ في المبيعات قد يُحدث موجة تصحيح قوية في السوق، نظرًا لحجم اعتماد الشركات الكبرى على منتجات Nvidia.

تُظهر هذه التطورات أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد قصة مستقبلية، بل أصبح ميدان اختبار حقيقي للجدوى الاقتصادية.

فالأسواق اليوم لم تعد تكافئ الشركات على وعودها بالذكاء الاصطناعي، بل على قدرتها على تحويله إلى عائد مالي ملموس.

وفيما تستمر المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا على القيادة في هذا المجال، يبقى السؤال مفتوحًا:

هل سيثبت الذكاء الاصطناعي أنه ثورة اقتصادية تُعيد تشكيل أسواق المال، أم مجرد فقاعة استثمارية جديدة تنتظر لحظة الانفجار؟