Contact Us
تعليم وثقافة

بعد تحضير دام 20 عاماً... مصر تفتتح المتحف المصري الكبير قرب الجيزة

افتتاح المتحف الفرعوني الكبير قرب الجيزة، 1 نوفمبر 2025 (إكس)

افتتاح المتحف الفرعوني الكبير قرب الجيزة، 1 نوفمبر 2025 (إكس)

افتتحت مصر المتحف المصري الكبير الذي بلغت تكلفته مليار دولار في 1 نوفمبر 2025 بالقرب من أهرامات الجيزة، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تمتد على مدى خمسة آلاف عام من التاريخ، من بينها مجموعة توت عنخ آمون الكاملة التي تُعرض للمرة الأولى مجتمعة في مكان واحد.

استضاف الرئيس عبد الفتاح السيسي مراسم الافتتاح بحضور عدد من قادة العالم، وتخلل الحفل عروض ثقافية واستعراضات ضوئية مبهرة. وتوقّعت السلطات أن يستقطب المتحف نحو 8 ملايين زائر سنوياً مما سيُعزز القطاع السياحي المصري.

ويُفتح المتحف أبوابه للجمهور ابتداءً من 4 نوفمبر 2025.

حدث عالمي يعيد مصر إلى الخريطة السياحية

في مؤتمر صحافي قبيل الإفتتاح، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن المتحف يمثل "صرحًا عالميًا فريدًا يقدم من مصر هديةً لكل العالم"، واصفًا المناسبة بأنها "حدث استثنائي في تاريخ البلاد" وفقاً لوكالة الأناضول.

وأضاف مدبولي أن فكرة المشروع تعود إلى نحو 30 عامًا، لكنه شهد تسارعًا كبيرًا في التنفيذ خلال السبع إلى الثماني سنوات الأخيرة بفضل توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد أن تعثّر المشروع إثر أحداث عام 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك بحسب فرانس برس.

ويعد المتحف المصري الكبير أكبر مشروع ثقافي في تاريخ مصر الحديث، إذ أقيم على مساحة 500 ألف متر مربع بالقرب من أهرامات الجيزة، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطي تاريخ الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ حتى العصر البطلمي، بحسب وكالة أسوشييتد برس.

من أبرز معالم المتحف: البهو العظيم الذي يستقبل الزوار بالمسلة المعلقة وتمثال الملك رمسيس الثاني، والدرج العظيم الذي يعرض تماثيل ملوك مصر القديمة وفق ترتيب زمني، وقاعة الملك توت عنخ آمون التي تضم المجموعة الكاملة لأول مرة، ومتحف مراكب خوفو الذي يضم المراكب الشمسية التي نُقلت في واحدة من أعقد عمليات النقل الأثري في العالم عام 2021.

كما يضم المتحف متحفًا للأطفال لتعريف الأجيال الجديدة بحضارتهم بطريقة تفاعلية، ومركزًا عالميًا للترميم يُعد الأكبر في الشرق الأوسط، وقاعات للمعارض الدولية، ومركز مؤتمرات، وحدائق فرعونية، ومناطق ترفيهية وخدمات سياحية متكاملة بحسب أسوشييتد برس.

ويغطي المتحف مساحة تقارب نصف مليون متر مربع، وبلغت تكلفته أكثر من مليار دولار، ما يجعله من أكبر وأحدث المتاحف في العالم، بحسب فرانس برس.

المتحف يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من مختلف العصور الفرعونية، نصفها تقريبًا معروض أمام الزوار، وهو ما يجعله أكبر مجموعة في العالم مكرّسة لحضارة واحدة.

ويتوسّط بهو الدخول تمثال ضخم للفرعون رمسيس الثاني، بارتفاع 11 مترًا ووزن 83 طنًا، في مشهد يرمز إلى عظمة الحضارة المصرية القديمة.

كما تضم القاعات أبرز كنوز التاريخ المصري، وعلى رأسها مجموعة توت عنخ آمون الكاملة التي تشمل 5,000 قطعة، جُمعت لأول مرة في مكان واحد بعد أن كانت موزّعة بين متاحف ومخازن داخل مصر وخارجها بحسب فرانس برس.

مشروع استراتيجي لتنشيط السياحة

ووفقًا لما صرّح به الرئيس السابق لإتحاد السياحة المصري إلهامي الزيات لوكالة فرانس برس، فإن إفتتاح المتحف يمثل جزءًا من "خطة أوسع تهدف إلى تحويل هضبة الجيزة إلى منطقة ثقافية وسياحية متكاملة"، تشمل مطار سفنكس الدولي الجديد، ومرافق فندقية وتجارية متطورة.

وأضاف أن نظام التذاكر الرقمية والحافلات الكهربائية المكيّفة التي تخدم المنطقة ستعزز تجربة الزوار وتدعم الرؤية السياحية الجديدة للدولة.

أما وزير السياحة شريف فتحي فقد كشف في تصريحات نقلتها وكالة فرانس برس أن المتحف يستقبل حاليًا ما بين 5,000 و6,000 زائر يوميًا، متوقعًا أن يرتفع العدد إلى 15 ألفًا يوميًا خلال الأشهر المقبلة، في ظل حملة ترويجية عالمية.

افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساء السبت المتحف المصري الكبير بمنطقة الأهرامات بمحافظة الجيزة، بحضور وفود رسمية من 79 دولة، من بينها 39 وفدًا برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء حكومات، إضافة إلى ممثلين عن عدد من الوكالات والمنظمات الدولية.

وفي تدوينة على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، رحب السيسي بضيوف مصر من قادة العالم قائلاً: "من أرض مصر الطيبة مهد الحضارة الإنسانية، أرحب بضيوفنا من قادة العالم ورموزه الكبار، لنشهد سويًا افتتاح المتحف المصري الكبير الذي يضم بين جنباته كنوز الحضارة المصرية العريقة ويضيف إلى عالم الثقافة والفنون مَعلمًا جديدًا" .

التغطية الإعلامية وخطة الأمن والصحة

أعلن رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان أن مئات القنوات الإعلامية ستنقل الحفل مباشرة إلى مئات الملايين حول العالم، ومنح 450 مراسلاً يمثلون 180 وسيلة إعلامية دولية تصاريح للتغطية، بينها 70 وسيلة أوروبية، و24 أميركية، و30 آسيوية، و48 عربية، بالإضافة إلى 70 قناة تلفزيونية عالمية و35 وكالة أنباء دولية مصورة.

ووضعت وزارة الداخلية المصرية خطة أمنية لتأمين الوفود المشاركة، مع نشر الخدمات الأمنية في محيط المتحف وأماكن إقامة الوفود، فيما أعلنت وزارة الصحة خطة التأمين الطبي شاملة لنشر 8 سيارات إسعاف داخل المتحف و15 سيارة موزعة في نقاط استراتيجية لضمان الاستجابة السريعة وفقاً لأسوشييتد برس.

في كلمته، وصف الرئيس السيسي المتحف بأنه أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، وأكد أن تشييده جاء نتيجة تعاون دولي واسع مع عدد من الشركات والمؤسسات العالمية، مشيراً إلى أن افتتاح المتحف يمثل "كتابة فصل جديد من تاريخ الحاضر والمستقبل" حسب فرانس برس.

وشارك في الفعاليات رموز مصرية عدة، أبرزهم وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، الذي أشاد بتحقيق حلم مصر في إنشاء المتحف بعد عقود من التخطيط والتحضير وفقاً للأناضول.

السياحة المصرية وآفاق المستقبل

يأمل المسؤولون أن يرفع المتحف المصري الكبير من مكانة مصر على الخريطة السياحية العالمية، ويضيف قيمة كبيرة لقطاع السياحة الذي يعتبر مصدرًا حيويًا للعملة الأجنبية والوظائف، خصوصًا مع قرب الأهرامات وتجهيز المنطقة المحيطة بمرافق سياحية حديثة، ونظام تذاكر رقمي، وحافلات كهربائية مكيّفة لخدمة الزوار وفقاً للأناضول.

على الرغم من الزخم العالمي الكبير الذي رافق الإفتتاح، حذر عالم الآثار المصري حسين بصير في حديثه مع فرانس برس من أن "استمرار نجاح المتحف يعتمد على الصيانة الدورية والحفاظ على الزخم"، مشيرًا إلى أن أي تراخٍ في إدارة المبنى أو محتوياته قد يؤدي إلى تراجع سريع في أعداد الزوار.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن قطاع السياحة المصري شهد انتعاشًا ملحوظًا، إذ استقبلت البلاد 15 مليون سائح خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، بزيادة 21% عن العام السابق، بإيرادات بلغت 12.5 مليار دولار.