فضيحة ائتمانية تكبد HPS خسائر بقيمة 150 مليون دولار

اندلعت الأزمة بعد فترة وجيزة من إتمام بلاك روك صفقة استحواذ ضخمة بلغت 12 مليار دولار على شركة HPS Investment Partners، إحدى أكبر شركات الإقراض الخاص في الولايات المتحدة.
وخلال التحقيقات الداخلية، اكتشف التنفيذيون أن أحد القروض الكبيرة الممنوحة لشركات يملكها رجل الأعمال الهندي بانكيم برامبهات كان قائمًا على ضمانات وهمية ومستندات مزوّرة بحسب بلومبيرغ.
تبين في تموز/يوليو أن معظم الذمم المدينة المزعومة كانت عبارة عن رسائل إلكترونية من نطاقات مزيّفة وتواقيع مزوّرة. نتيجة لذلك، شطبت الشركة كامل القرض البالغ 150 مليون دولار، فيما تقدمت شركتا Broadband Telecom وBridgevoice بطلب إفلاس.
وبحسب ما نقلته بلومبيرغ عن ملفات المحاكم الأميركية، فإن برامبهات وشركاته نفّذوا “عملية احتيال واسعة وجريئة للغاية”، استخدموا فيها عشرات المواقع والرسائل الإلكترونية والفواتير المزيّفة للحصول على تمويل بمئات ملايين الدولارات.
وتُظهر الدعاوى المرفوعة في نيويورك وديلاوير أن الأموال المحصّلة تمّ تحويلها إلى حسابات خارجية في موريشيوس والهند، في خرق واضح لاتفاقيات القروض.
ضرر مالي محدود لكن سمعة على المحك
تشير بلومبرغ إلى أن الخسارة لا تمثّل سوى جزء صغير من أصول HPS التي تتجاوز 180 مليار دولار، لكنها أصابت صندوقين رئيسيين ضمن استراتيجيتها المعروفة باسم Asset Value Strategy والتي تدير أكثر من 3 مليارات دولار.
وبعد شطب القرض، تراجعت عوائد الصندوقين إلى الحد الأدنى من النطاق المتوقع (9% – 11%)، فيما يخشى المستثمرون من أثر أوسع على ثقة السوق.
إنذار جديد لسوق الائتمان القائم على الأصول
تؤكد أن الحادثة تأتي في وقت تتزايد فيه التحذيرات بشأن التمويل القائم على الأصول (Asset-Based Finance)، وهو نمط تمويل يعتمد على الضمانات العينية والفواتير بدلًا من البيانات المالية التقليدية.
ويأتي هذا الاحتيال بعد سلسلة من حالات التعثر المماثلة مثل Tricolor Holdings وFirst Brands خلال العام نفسه، ما يعزز القلق من هشاشة بعض نماذج الإقراض الحديثة.
وقال الرئيس التنفيذي لـ جي بي مورغان تشيس (JPMorgan Chase) جيمي ديمون: “عندما ترى صرصورًا واحدًا، فغالبًا هناك المزيد”، في إشارة إلى احتمال وجود مشاكل أعمق في هذا القطاع.
بدأ برامبهات مسيرته في الهند عام 1989 بتأسيس مجموعة بانكاي (Bankai Group) التي تحوّلت من تصنيع الهواتف إلى تشغيل شبكات الاتصالات الدولية.
وفي عام 2017، أطلق Carriox Capital، وهي شركة تمويل غير مصرفية تُقدَّم قروضًا لشركات الاتصالات وهي اليوم محور هذه الفضيحة وفقاً لبلومبيرغ.
ومع انهيار شركاته وإفلاسه، يواجه برامبهات دعاوى قضائية في الولايات المتحدة والهند على حد سواء.
مصارف عالمية تتكبد خسائر وتعيد تقييم المخاطر
رفضت كل من بلاك روك وبي إن بي باريبا (BNP Paribas) التعليق رسميًا، لكن الأخيرة سجّلت خسارة قدرها 190 مليون يورو نحو 219 مليون دولار في نتائج الربع الثالث، وفق بلومبيرغ، لتغطية “وضع ائتماني محدد”.
ويرى محللون أن هذه الحادثة ستدفع الجهات التنظيمية إلى فرض معايير تدقيق أكثر صرامة على الإقراض الخاص، الذي نما عالميًا إلى سوق تتجاوز قيمته 1.7 تريليون دولار مع انسحاب البنوك التقليدية من التمويل عالي المخاطر.
تؤكد هذه القضية أن النمو السريع لقطاع الإئتمان الخاص، إلى جانب التعقيد المالي المتزايد، قد خلق ثغرات استغلها بعض المقترضين بذكاء.