Contact Us
مقالات

عن سرّ الربط بين الإعلام والفنون الجميلة

6 أكتوبر 2025
طلاب في كلية الإعلام والفنون الجميلة - صورة إبداعية

في ظل التحوّلات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات الاتصال والتعبير الإبداعي، تبرز الحاجة إلى فهم أعمق للعلاقات المتشابكة بين التخصصات الإنسانية، لا سيما تلك التي تتقاطع في وظائفها وأدواتها. ومن بين هذه التقاطعات اللافتة، يبرز الربط الأكاديمي بين الإعلام والفنون الجميلة، كما يتجلى في العديد من الكليات الجامعية التي تجمع بينهما تحت مظلة واحدة. ولا يأتي هذا الدمج من فراغ، بل يعكس إدراكًا متزايدًا بأن الإعلام الحديث لم يعد مجرد نقل للمعلومة، بل أصبح ممارسة فنية بحد ذاته، تعتمد على الصورة، الصوت، الإخراج، والتصميم، تمامًا كما تفعل الفنون الجميلة.

ويطرح هذا التداخل بين المجالين تساؤلات جوهرية: ما الذي يجمع بين الصحافي والمخرج المسرحي؟ بين المصمم الغرافيكي والمراسل التلفزيوني؟ وكيف يمكن للمؤسسات الأكاديمية أن تؤطر هذا التلاقي في مناهجها وبرامجها؟ في محاولة استكشاف الخلفيات النظرية والعملية التي تبرر هذا الربط، لا بد من تحليل أبعاده الثقافية والمهنية، في ضوء التجارب الجامعية وسوق العمل المتغيّر.

التقاطع في الوسائل التعبيرية

الإعلام والفنون الجميلة يشتركان في استخدام الوسائط البصرية والسمعية لنقل الرسائل. فكما يستخدم الإعلام الصورة والصوت والفيديو لنقل الأخبار والمعلومات، تعتمد الفنون الجميلة على الرسم، التصوير، النحت، والموسيقى للتعبير عن الأفكار والمشاعر. هذا التقاطع يجعل من المنطقي جمع التخصصين في كلية واحدة، كما هو الحال في كلية الإعلام والفنون في جامعة المعارف، التي تدمج بين الإبداع الفني والمهارات الإعلامية في بيئة تعليمية واحدة.

الرسالة والتأثير المجتمعي

كلا المجالين يسعيان إلى التأثير في الرأي العام، سواء عبر تقارير إعلامية أو أعمال فنية. الإعلام يهدف إلى الإخبار والتوعية، بينما تسعى الفنون الجميلة إلى إثارة التفكير أو التعبير عن قضايا اجتماعية وثقافية. وقد أظهرت دراسات أكاديمية أن العلاقة بين الإعلام والمؤسسات الثقافية علاقة جدلية، تتأثر بوسائل الاتصال الحديثة، وتؤثر في بناء الإنسان والمجتمع.

التكامل في الإنتاج الإبداعي

في العصر الرقمي، أصبحت الحدود بين الإعلام والفن أكثر ضبابية. فمثلاً:

  • الأفلام الوثائقية تجمع بين السرد الإعلامي واللغة البصرية الفنية.

  • الحملات الإعلامية تعتمد على التصميم الغرافيكي والموسيقى والإخراج الفني.

  • الصحافة الحديثة تستخدم الفيديو والرسوم التوضيحية، وهي أدوات تنتمي للفنون الجميلة.

هذا ما تؤكده أيضًا الدراسات الثقافية والإعلامية التي ترى أن الإعلام يشكّل جزءًا من البنية الثقافية للمجتمع، ويؤثر في الذوق العام والتوجهات الفنية.

الاستجابة لسوق العمل

الدمج بين الإعلام والفنون الجميلة يُعِدّ الطلاب لسوق عمل يتطلب مهارات متعددة في:

  • الإخراج السينمائي والتلفزيوني.

  • تصميم الغرافيك والإعلانات.

  • الإنتاج الإذاعي والمرئي.

  • تصميم الحملات الإعلامية والثقافية.

وقد أظهرت تجارب جامعية أن التعاون بين أقسام الإعلام والفنون يثمر عن مشاريع مشتركة، مثل تغطية المهرجانات والمعارض الفنية، ما يعزز من تكامل التخصصين في الممارسة العملية.

الأساس الأكاديمي المشترك

تاريخيًا، نشأت كليات الإعلام والفنون الجميلة من أقسام الفنون التطبيقية، ثم تطورت لتشمل الإعلام كفرع حديث نسبياً. ومع تطور وسائل الاتصال، أصبح من الضروري دمج التخصصات لتخريج طلاب يمتلكون مهارات متعددة في الإنتاج الإعلامي والفني.

وبالإجمال، يعكس الربط بين الإعلام والفنون الجميلة في كليات موحدة تداخلاً وظيفيًا وثقافيًا وتقنيًا بين المجالين. ولا يهدف هذا الدمج فقط إلى التوفير الإداري، بل إلى تأهيل جيل جديد من المبدعين القادرين على التعبير عن قضايا مجتمعاتهم بوسائل متعددة، تجمع بين الرسالة الإعلامية والوسائل الفنية.