بخطأ ضريبي... مليارا جنيه استرليني تُخفّف عبء العجز البريطاني

سجّل إقتراض المملكة المتحدة خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية إنخفاضًا بمقدار 2 مليار جنيه إسترليني (2.7 مليار دولار) عما كان مقدّرًا سابقًا، بعد إكتشاف خطأ في بيانات ضريبة القيمة المضافة، ما خفّف الضغط المالي على وزيرة الخزانة راشيل ريفز، وفق ما أعلن مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الأربعاء حسب بلومبيرغ. ونتيجة التعديل، تراجع حجم الاقتراض بين نيسان/أبريل، وآب/أغسطس إلى 81.8 مليار جنيه إسترليني، أي أقل من التقديرات السابقة، وإن كان لا يزال يتجاوز التوقعات الرسمية للعجز بنحو 9.4 مليارات جنيه.

ويأتي هذا التعديل في وقت تواجه فيه حكومة حزب العمال أول عام مالي كامل لها، وسط محاولات لاحتواء الإنفاق العام واستعادة ثقة المستثمرين قبل إعلان الموازنة المقرر في 26 تشرين الثاني/نوفمبر. ويرى مراقبون أن المراجعة الأخيرة قد تُخفف المخاوف من تفاقم العجز، لكنها تكشف في المقابل عن ثغرات أعمق في منظومة الإحصاءات الحكومية.

وأقرت الهيئات الإحصائية البريطانية بوجود سلسلة من الأخطاء التي أضعفت مصداقية البيانات الاقتصادية في السنوات الأخيرة، شملت مؤشرات رئيسية مثل سوق العمل، التضخم، والناتج المحلي الإجمالي. وتشير أحدث البيانات إلى أن المشكلة لم تقتصر على مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS)، إذ امتدت إلى مصلحة الإيرادات والجمارك (HMRC) ووزارة النقل، بعد أن تسبب خلل في بيانات ضريبة المركبات في تضخيم معدل التضخم لشهر أبريل، فيما أُجّل نشر بيانات التجارة في مارس بسبب أخطاء مماثلة.

وبحسب مكتب الإحصاءات، لم يؤثر التعديل الأخير على متطلبات النقد الصافي للحكومة المركزية، أو الدين الصافي للقطاع العام، أو الالتزامات المالية العامة، كما لم تُظهر الأسواق المالية تفاعلاً يُذكر مع المراجعة.

ورغم التراجع الطفيف في تقدير العجز، ما زال الوضع المالي بعيدًا عن أهداف وزيرة الخزانة، إذ بلغ العجز في الميزانية الجارية – التي تُعد القيد المالي الرئيسي لريفز وتستثني الإنفاق الرأسمالي – نحو 60 مليار جنيه إسترليني خلال الأشهر الخمسة الأولى، بزيادة 13 مليارًا عن التوقعات، لكنه سجل تحسّن طفيف مقارنة بتقدير سابق بلغ 62 مليارًا في سبتمبر.

وأوضحت مصلحة الإيرادات والجمارك أن الخطأ في بيانات ضريبة القيمة المضافة يعود إلى إغفال بعض تدفقات المدفوعات من الحسابات المستخدمة في تقدير الإيرادات. وقال جيمس بنفورد، المدير العام للمسوحات والإحصاءات الاقتصادية والاجتماعية في المكتب، في تدوينة له على وسائل التواصل الإجتماعي إن الخطأ ناتج عن "إهمال غير مقصود في بعض مسارات التحصيل"، مشيرًا إلى صعوبة التحقق المستقل من بيانات الإيرادات.

وأشار بنفورد إلى بدء تنفيذ برنامج جديد لـ"تحديث وتعزيز معالجة البيانات" الخاصة بإحصاءات المالية العامة، على أن تُدمج البيانات المصححة بالكامل في الإصدار القادم المقرر في 21 تشرين الأول/أكتوبر.

بحسب ما ذكرت بلومبيرغ، أشار المحللون أن هذه التطورات كشفت عن تحدٍّ مزدوج أمام الحكومة البريطانية: تحسين دقة البيانات الاقتصادية التي تُبنى عليها القرارات المالية، وفي الوقت نفسه الالتزام بقيود العجز التي وضعتها ريفز ضمن قواعدها المالية، وسط ضغوط متزايدة لضبط الإنفاق وتحفيز النمو في آن واحد.