الصين تشدّد قبضتها: هدنة هشة مع واشنطن تُبقي توترات المعادن النادرة عالقة

لم تتضمّن المباحثات الأخيرة بين الولايات المتحدة والصين أي مؤشرات على نية واشنطن السماح لبكين بزيادة استثماراتها داخل الأراضي الأميركية، على غرار ما شجّع عليه الرئيس دونالد ترامب في صفقات مع دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
ومن المقرر أن يعقد قادة البلدين سلسلة اجتماعات في عام 2026، غير أن المراقبين يحذّرون من أن الوعود التي أُطلقت هذا الأسبوع قد لا تُترجم إلى تغييرات جوهرية في القطاعات المعتمدة على المغناطيسات النادرة، أو لدى الشركات التي تسعى لتأسيس بدائل للإنتاج الصيني.
يقول ويد سينتي، رئيس شركة Advanced Magnet Lab Inc. الأميركية:
"هذه الهدنة بين الصين والولايات المتحدة تناولت كل شيء تقريبًا ما عدا المعادن النادرة والمغناطيسات الدائمة. أما بالنسبة للمجال العسكري، فلا أعتقد أن الخطر تغيّر فعليًا منذ بداية حزيران/ يونيو."
استمرار القيود الصينية
بالنسبة للصناعات الدفاعية والفضائية والسيارات التي تعتمد على استيراد العناصر الأرضية النادرة والمغناطيسات من الصين، لا يزال الواقع على حاله تقريبًا. فالإجراءات البيروقراطية الصينية للحصول على تراخيص التصدير بقيت معقّدة، ما أدى إلى تأخير في الموافقات وتكرار عمليات التسجيل لكل طلبية. كما اضطرت شركات أوروبية، خصوصًا في ألمانيا، إلى تقديم بيانات حساسة حول سلاسل التوريد الخاصة بها من أجل الحصول على هذه التراخيص.
ورغم أن تأجيل الصين فرض قيود جديدة على التصدير منح الصناعات الأميركية بعض الارتياح المؤقت خصوصًا للشركات غير الدفاعية التي تحتاج إلى شراء معدات أساسية لمعالجة المعادن النادرة إلا أن خبراء يرون أن بكين قد تواصل عمليًا تجميد التراخيص، كما فعلت واشنطن سابقًا في مجال تصدير الرقائق الإلكترونية، في خطوة تُعدّ تقييدًا غير مباشر.
هدنة مؤقتة ومكاسب محدودة
يشير مراقبون إلى أن واشنطن ربما قدّمت تنازلات لبكين مقابل تجميد مؤقت، من دون تحقيق أي تقدم فعلي في قضية المعادن النادرة. فالإجراءات الصارمة التي أقرتها الصين في نيسان/ أبريل، والتي كانت الشرارة الأولى للأزمة، لا تزال سارية حتى الآن.
ويقول نزاك نيكاختار، المسؤول السابق في وزارة التجارة الأميركية خلال إدارة ترامب الأولى:
"إذا استمرت الصين في طلب التراخيص من الشركات من دون البت فيها كما في السابق، فلن يكون ذلك تقدّمًا حقيقيًا."
لعبة النفوذ المتبادلة
ويُذكّر الخبراء بأن الولايات المتحدة سبق أن أعلنت انتصارات مبكرة في مفاوضاتها مع الصين، كان آخرها عندما صرّح الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير خلال جولة في ستوكهولم في تموز/ يوليو قائلاً: "لا نريد أن نتحدث عن المغناطيسات مجددًا."
لكن الواقع اليوم يشير إلى أن بكين باتت أكثر براعة في التعامل مع واشنطن واستثمار أوراق الضغط لصالحها.
كما قالت ويندي كتلر، المفاوضة التجارية الأميركية السابقة:
"الصين فرضت شروطها مقابل كل تنازل قدّمته. ويبدو أن ترامب وجد في بكين ندًا حقيقيًا، إذ أثبتت أن اللعبة يمكن أن تُلعب من الجانبين."