نعمة السودان لعنَته... فتّش عن الثروة

قد يبدو المشهد السياسي في السودان معقّدًا ومليئًا بالصراعات الداخلية، لكنّ الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. فخلف الستار، تتحرك قوى إقليمية ودولية ترى في السودان أكثر من مجرد دولة إفريقية تعاني من الأزمات، بل كنزًا استراتيجيًا يختزن ثروات طبيعية وزراعية ومعدنية هائلة تجعله محورًا في معادلة السيطرة على الغذاء والطاقة في القارة الإفريقية.
ولفهم حجم هذا الاهتمام، تكفي بعض الأرقام الرسمية التي تكشف ثراء السودان:
200 مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة، لا يُستغل منها سوى 64 مليونًا فقط.
115 مليون فدان من المراعي الطبيعية.
400 مليار متر مكعب من مياه الأمطار سنويًا.
سادس أكبر ثروة حيوانية في العالم تضم أكثر من 130 مليون رأس من الماشية.
42 ألف طن من الأسماك تُنتج سنويًا.
احتياطي ذهب يتجاوز 1,550 طنًا، ما يجعل السودان ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا بإنتاج سنوي يبلغ 93 طنًا.
1,500 طن من الفضة و5 ملايين طن من النحاس.
1.4 مليون طن من اليورانيوم.
يحتكر السودان 80% من الإنتاج العالمي للصمغ العربي المستخدم في أكثر من 180 صناعة غذائية ودوائية، يُهرّب نحو 70% منه عبر شبكات محلية ودولية.
يساهم بـ 39% من إنتاج السمسم الأبيض و23% من السمسم الأحمر عالميًا.
هذه الأرقام تكفي لتوضيح سبب تنافس القوى العالمية على النفوذ في السودان، وسعيها الدائم إلى إبقائه في دائرة الفوضى والعجز المؤسسي.
ومن المفارقات اللافتة أنّ مشروعًا خيريًا لرجل الأعمال صالح الراجحي، استثمر في زراعة الأرز السوداني وبيعه للمواطنين بسعر 70 دولارًا للطن بدلًا من 320 دولارًا، تم إيقافه، لأن الاستقلال الاقتصادي في السودان لا يُسمح له أن يعيش طويلًا في بيئة يُراد لها أن تبقى تابعة.
إنّ السودان ليس بلدًا فقيرًا بالموارد، بل محاصر بالإرادات. تُفتعل داخله الأزمات وتُدار حوله الصراعات، فيما تبقى الأيادي المنفّذة في الداخل مجرد أدوات، أما المخطّطون الحقيقيون فهم في الخارج، يرسمون المشهد ويحرّكون خيوطه بما يخدم مصالحهم لا مصالح السودان.