Contact Us
طاقة

الصين تسرّع وتيرة ملء احتياطاتها النفطية في ظل العقوبات الأمريكية على روسيا

2D6BD040-A711-4EC8-A5FC-928FBA358D57

تواصل الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بناء احتياطاتها النفطية بوتيرة متسارعة، في وقت فرضت فيه الولايات المتحدة عقوبات جديدة على صادرات النفط الروسي، الأمر الذي قد يجعل من المخزون الصيني الكبير ورقة استراتيجية في المرحلة المقبلة.

وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، استوردت الصين أكثر من 11 مليون برميل من النفط يوميًا، وفق بيانات الجمارك الرسمية، وهو رقم يفوق إنتاج السعودية اليومي. ويقدّر محللون أن ما بين مليون إلى 1.2 مليون برميل من هذه الكميات يُضاف يوميًا إلى الاحتياطات الاستراتيجية الصينية.

ويأتي هذا التوسع في الشراء مدفوعًا بانخفاض أسعار النفط العالمية، إلى جانب مخاوف من تأثير الهجمات الأوكرانية المتكررة على منشآت إنتاج النفط الروسية. وبحسب بيانات “بلومبرغ” و”ريستاد إنرجي”، فإن الصين تعد أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، وأكبر مشترٍ للنفط الروسي تحديدًا.

ويؤكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أن “وعاء الطاقة يجب أن يبقى في أيدينا”، في إشارة إلى أولوية أمن الطاقة لدى القيادة الصينية، خصوصًا وأن نحو 70% من استهلاك الصين النفطي يأتي من الخارج.

وقد ساهمت شهية الصين القوية للنفط في الحد من تراجع الأسعار العالمية، إذ لامس سعر خام برنت في تشرين الأول/أكتوبر أدنى مستوياته خلال خمس سنوات، مسجلاً نحو 65 دولارًا للبرميل، بانخفاض قدره 13% منذ بداية العام، قبل أن يعود إلى الارتفاع عقب العقوبات الأميركية على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل” الروسيتين.

وفي المقابل، تباطأت الولايات المتحدة في إعادة ملء احتياطها النفطي الاستراتيجي، الذي وصل إلى أدنى مستوياته منذ أربعة عقود، رغم وعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة ملئه بالكامل عند عودته إلى البيت الأبيض، في حين لم يُعلن سوى عن صفقة شراء واحدة صغيرة حتى الآن.

ومنذ عام 2004، استثمرت الصين مئات المليارات من الدولارات في تطوير إنتاجها المحلي من النفط، وإنشاء أكبر صناعة للمركبات الكهربائية في العالم، إلى جانب بناء شبكة واسعة من مرافق تخزين النفط في مدن عدة مثل تشوشان وداليان.

ولا تكشف الصين رسميًا عن حجم مخزونها، لكن تقديرات المحللين تشير إلى أن إجمالي الإحتياطات، بما في ذلك المخزون التجاري، يتراوح بين 1.2 و1.3 مليار برميل، من بينها نحو 400 مليون برميل ضمن الاحتياطي الاستراتيجي الحكومي، وفق تقديرات المحللة كيللي شو من شركة Alpine Macro، وقرابة 800 مليون برميل في المخزونات التجارية للشركات الصينية.

وتشير بيانات Rystad Energy إلى أن الطاقة التخزينية الكلية للصين ارتفعت إلى أكثر من ملياري برميل بنهاية عام 2024، مقارنة بـ1.4 مليار برميل في عام 2015، ما يعني أن بكين تستخدم حاليًا نحو 60% فقط من قدرتها التخزينية، مع توقعات بإضافة 124 مليون برميل من السعة الجديدة بنهاية هذا العام.

ورغم العقوبات المفروضة على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل”، لا يتوقع المحللون أن تقلص المصافي الصينية مشترياتها من النفط الروسي، إذ إن معظم التعاملات تُجرى باليوان الصيني وليس بالدولار، حيث لا تتجاوز حصة الدولار 5% من صادرات النفط الروسية، وفق وزارة الطاقة الروسية.

وتواصل المصافي الصينية المستقلة، المعروفة باسم “مصافي الشاي”، استيراد النفط الروسي والإيراني بأسعار منخفضة، معتمدة على البنوك الإقليمية الصينية بعيدًا عن النظام المالي الغربي.

وفي ظل هذا المشهد، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يشهد الربع الحالي من العام فائضًا في الإمدادات العالمية يبلغ نحو 3.7 ملايين برميل يوميًا، فيما يقدّر JPMorgan الفائض عند 3.6 ملايين برميل. ويعزى هذا الفائض جزئيًا إلى قرار منظمة أوبك+ زيادة الإنتاج بمقدار 137 ألف برميل يوميًا في نوفمبر، مع احتمال إعلان زيادة إضافية في كانون الأول/ديسمبر المقبل.

ويبدو أن الصين، باستمرارها في تخزين النفط، لا تحصّن أمنها الطاقوي فحسب، بل تؤدي أيضًا دورًا محوريًا في منع أسعار النفط من الانهيار وسط تخمة المعروض العالمي.