Contact Us
Ektisadi.com
طاقة

هجوم بطائرات مسيّرة يضرب ثالث أكبر محطة طاقة في روسيا

Gemini_Generated_Image_3xkfw93xkfw93xkf

في تصعيدٍ جديدٍ من حرب الطائرات المسيّرة بعيدة المدى، استهدفت عدة طائرات أوكرانية محطة كوستروما للطاقة الحرارية (TPP) ثالث أكبر محطة توليد كهرباء في روسيا في الساعات الأولى من صباح 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، ما تسبب في حريقٍ هائل وأضرارٍ جسيمة بالبنية التحتية للطاقة في البلاد.

سُمعت انفجارات قوية في منطقة كوستروما الواقعة على بُعد نحو 300 كيلومتر شمال شرق موسكو، تلاها تصاعد أعمدة كثيفة من الدخان من موقع المحطة. وسارعت فرق الطوارئ الروسية إلى المكان، فيما أظهرت تسجيلات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ألسنة اللهب تلتهم أجزاءً من المجمع الصناعي وبحسب موقع ميليتارني.

وتفيد التقارير بأن الهجوم استهدف وحدات الوقود والتوربينات، ما أدى إلى انقطاع مؤقت للكهرباء في بعض مناطق الإقليم. ولم تُصدر السلطات الروسية بيانًا رسميًا بعد حول حجم الخسائر أو الجهة المسؤولة عن العملية.

ووفقًا لصحيفة The Moscow Times، فإنّ الحريق الناتج عن الهجوم استمرّ لعدة ساعات، في حين تمكّنت فرق الإطفاء من السيطرة عليه لاحقًا دون تسجيل خسائر بشرية كبيرة. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا هو الهجوم الثالث خلال شهرين الذي يستهدف منشآت طاقة في عمق الأراضي الروسية.

أما وكالة رويترز فقد نقلت عن مسؤولين أوكرانيين أن العملية "تندرج ضمن استراتيجية استهداف البنية التحتية العسكرية والاقتصادية التي تُغذي آلة الحرب الروسية"، معتبرين أن محطات الطاقة تُعد "أهدافًا مشروعة" لأنها تُسهم في تزويد المنشآت العسكرية بالكهرباء.

فإن الطائرات المسيّرة المستخدمة في الهجوم من طرازات حديثة بعيدة المدى بقدرة طيران تتجاوز 1000 كيلومتر، ويُعتقد أنها أُطلقت من مواقع في شمال شرق أوكرانيا، في إطار حملة تهدف إلى إضعاف منظومة الإمداد الروسي خلال فصل الشتاء وبحسب موقع Ukrainska Pravda.

من جهتها، أشارت وكالة أسوشييتد برس إلى أن محطة كوستروما تُعدّ من أبرز المرافق التي تُغذي الشبكة الكهربائية المركزية الروسية بطاقةٍ تصل إلى نحو 3600 ميغاواط، ما يجعلها هدفًا ذا أهمية استراتيجية عالية. وأضافت أن الهجوم أثار مخاوف من تكرار سيناريو انقطاعات الكهرباء التي شهدتها مناطق روسية قريبة من موسكو في الأشهر الماضية.

وفي تقرير صادر عن معهد دراسات الحرب الأميركي، اعتُبر أن هجوم كوستروما يُمثّل تحولًا نوعيًا في القدرات العملياتية الأوكرانية، إذ يعكس قدرتها على اختراق العمق الروسي لمسافات تتجاوز 700 كيلومتر، ما يُظهر ثغرات كبيرة في الدفاعات الجوية الروسية. وأكد المعهد أن مثل هذه الضربات "تؤثر على ثقة المواطنين الروس في قدرة دولتهم على حماية الداخل"، وهو ما يُعد هدفًا نفسيًا بقدر ما هو عسكري.

كما أشار موقع BBC News Russian إلى أن صور الأقمار الصناعية الصادرة عن شركة Planet Labs أظهرت أضرارًا واضحة في وحدات التوربينات والمداخن الرئيسية، ما يرجح أن إعادة تشغيل المحطة بشكل كامل قد يستغرق أسابيع وربما أشهر، في ظل تعقيدات الإصلاح وشحّ قطع الغيار المتخصصة بسبب العقوبات الغربية.

وتزامن الهجوم مع سلسلة ضرباتٍ أخرى استهدفت مصافي النفط في منطقة ريازان ومحطة لتخزين الوقود في كورسك، وفقًا لصحيفة Kyiv Post، التي نقلت عن مسؤول أوكراني قوله إن "عمليات الطائرات المسيّرة أصبحت الآن جزءًا من حملة منسقة تستهدف خنق القدرات اللوجستية الروسية".

ويأتي هذا الهجوم في ظل تزايد مدى ودقة الطائرات المسيّرة الأوكرانية، التي باتت تضرب عمق الأراضي الروسية خلال الأشهر الأخيرة، مستهدفة مصافي النفط ومستودعات الذخيرة والبنية التحتية الحيوية للطاقة. وبحسب وكالة بلومبيرغ، فإن أوكرانيا ضاعفت إنتاج المسيّرات المحلية خلال النصف الثاني من عام 2025، معتمدة على نماذج مطوّرة محليًا تتميّز بالسرعة والتخفي عن الرادار.

وإذا تأكدت المعلومات، فإن ضربة كوستروما تُعدّ من أقوى الضربات التي تطال نظام الطاقة الروسي منذ بدء الحرب، وتُظهر ثغرات خطيرة في قدرات الدفاع الجوي الروسي لحماية المنشآت الاستراتيجية البعيدة عن الجبهات. كما أنها تُبرز التحوّل الاستراتيجي في الحرب نحو استنزاف القدرات الصناعية والطاقة الروسية، وهو اتجاه يرى فيه الخبراء، بحسب مركز Atlantic Council، "مرحلة جديدة من حرب الاستنزاف التكنولوجية التي تُعيد تعريف مفهوم العمق الآمن في النزاعات الحديثة".