تعاون روسي–إيراني يكسر الطوق: تدشين أضخم ممر تجاري يربط أوراسيا بالخليج

دشّنت روسيا وإيران أول رحلة قطار شحن عبر ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)، في خطوة تُعد مرحلة جديدة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي واللوجستي بين البلدين، وتوسيع الروابط التجارية الأوراسية في ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.

انطلق القطار الروسي من محطة كيبيك الواقعة على بُعد نحو 900 كيلومتر شمال موسكو أواخر تشرين الأول/أكتوبر، محمّلًا بـ 62 حاوية تضم منتجات زراعية وصناعية، إضافة إلى لبّ الكبريتات. وقد عبر مسار الرحلة روسيا وكازاخستان وتركمانستان قبل دخوله إيران عبر الحدود البرية، ليصل إلى ميناء أبرين الجاف بعد 12 إلى 13 يومًا من الانطلاق.

ميناء أبرين.. محور لوجستي جديد لإيران

أوضحت البعثة التجارية الروسية في إيران أن هذه الرحلة تمثل مرحلة مهمة في تطوير شبكات النقل والخدمات اللوجستية على طول الممر الدولي، مشيرة إلى أن شركة السكك الحديدية الروسية اللوجستية تعمل على تطوير مسارات جديدة وإطلاق خدمات نقل منتظمة ضمن الممر.

وبيّنت البعثة أن ميناء أبرين يُعد مركزًا لوجستيًا حديثًا ومتعدد الوسائط يقع عند تقاطع ممرات السكك الحديدية بين الشرق والغرب والشمال والجنوب داخل إيران، وهو أضخم مشروع لوجستي في البلاد أُطلق في ايار /مايو 2025، ويعمل تدريجيًا على الوصول إلى طاقته التشغيلية الكاملة.

واستقبل القطار في ميناء أبرين عدد من مسؤولي سكك الحديد الإيرانية الذين وصفوا وصوله بأنه «خطوة تاريخية» نحو تفعيل الممر الدولي الجديد، الذي يشكل بديلًا حيويًا للطرق التجارية التقليدية المعرضة للقيود والعقوبات الغربية.

وقال سعيد أسدي، نائب رئيس شركة سكك حديد إيران، إن الرحلة تعكس نجاحًا مشتركًا وتنسيقًا دقيقًا بين الجهات الجمركية واللوجستية في الدول المشاركة، معلنًا أن رحلات شحن أسبوعية منتظمة ستبدأ قريبًا عبر هذا الممر الحيوي.

كما أشار مرتضى جعفري، رئيس معاونية قسم العمليات التجارية في الشركة، إلى أن ميناء أبرين استقبل منذ يونيو الماضي 30 قطار شحن، موضحًا أن العمل جارٍ على توسيع الخدمة لتشمل دولًا لا تمتلك بنية سككية عبر نقل البضائع بالشاحنات، بالتنسيق مع دول رابطة الدول المستقلة (CIS). وأضاف أن الهدف هو تحويل إيران إلى مركز رئيسي للصادرات والواردات والعبور الإقليمي (الترانزيت).

وفي تصريحات لوكالة إرنا، أكد وزير الطرق والمدن الإيراني فرزان صديق أن الممر الجديد سيتيح تصدير السلع الإيرانية إلى أسواق أوروبا الشمالية بتكلفة أقل، وسيسهم في تعزيز مكانة إيران كمركز لوجستي إقليمي. وأوضح أن الرحلة التي تجاوزت 4000 كيلومتر توفر وقتًا وتكاليف أقل مقارنة بالمسارات البحرية عبر قناة السويس.

يعد هذا الإنجاز نقطة تحول في البنية التجارية واللوجستية الإقليمية، إذ يُتوقع أن يُسهم في تقليص زمن وكلفة النقل بين روسيا، وإيران، والهند، ودول الخليج، مع توقعات بأن يبلغ حجم التجارة عبر ممر الشمال–الجنوب نحو 20 مليار دولار بحلول عام 2026.

ورغم التقدم المحقق، لا تزال هناك تحديات فنية، أبرزها استكمال خطوط السكك الحديدية داخل إيران، إلى جانب خطط تشغيل خط جديد لنقل الحاويات بين ميناء ماخاتشكالا الروسي والموانئ الإيرانية عبر بحر قزوين