التباطؤ يشتدّ: مؤشرات الاقتصاد الصيني تهبط رغم جهود التحفيز

انخفضت مؤشرات الاقتصاد الصيني بشكل ملحوظ مع بداية الربع الرابع من العام، في وقت سجلت فيه البلاد هبوطاً غير مسبوق في الاستثمارات وتباطؤاً واسعاً في الإنتاج الصناعي، ما زاد الضغوط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم الذي يواجه بالفعل ضعفاً ممتداً في الاستهلاك المحلي. وكشفت بيانات مكتب الإحصاء الوطني أن الإنتاج الصناعي نما بنسبة 4.9% فقط في أكتوبر مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، انخفاضاً من 6.5% في ايلول/سبتمبر، ومخالفاً لتوقعات الاقتصاديين الذين رجّحوا نمواً عند 5.5%.
وفقاً لبلومبيرغ , سجل الاستثمار في الأصول الثابتة تراجعاً بنسبة 1.7% خلال الأشهر العشرة الأولى من العام، في أكبر انكماش يُسجَّل لهذه الفترة منذ بدء جمع البيانات، بينما تباطأ الإنفاق على البنى التحتية، وتراجع نمو الاستثمارات في القطاع الصناعي، في وقت واصل فيه قطاع العقارات هبوطه الحاد. كما تواصل ضعف الاستهلاك، حيث تباطأت مبيعات التجزئة إلى 2.9% للشهر الخامس على التوالي، وهي أطول موجة تراجع منذ عام 2021، في حين انخفض معدل البطالة في المناطق الحضرية إلى 5.1%.
كما أقرّ مكتب الإحصاء الوطني بأن الاقتصاد يواجه تحديات كبيرة نتيجة "عوامل خارجية غير مستقرة وغير مؤكدة"، إضافة إلى ضغوط داخلية مرتبطة بإعادة هيكلة الاقتصاد. وأكد المكتب أن الحكومة ستواصل تنفيذ السياسات القائمة "بشكل نشط"، في إشارة إلى أن بكين لا تزال مترددة في إطلاق حزم تحفيز إضافية رغم التباطؤ الواضح.
في السياق ذاته ورغم المؤشرات السلبية، بقي رد الفعل في الأسواق محدوداً؛ إذ لم يسجل اليوان والسندات الحكومية تغيرات تُذكر، بينما تراجع مؤشر CSI 300 للأسهم بنسبة 0.7% بعد مكاسب حققها في الجلسة السابقة. ويأتي هذا التراجع في وقت يفقد فيه الاقتصاد زخمه بعدما تباطأ النمو خلال النصف الثاني من العام، خصوصاً مع تسجيل انكماش مفاجئ في الصادرات، ما يترك البلاد أكثر عرضة للضغوط الناتجة عن ضعف الطلب المحلي.
ويرى محللو "بلومبرغ إيكونوميكس" أن جزءاً من التباطؤ قد يكون مرتبطاً بالعطلات، إذ قامت المصانع بزيادة إنتاجها وشحناتها في ايلول/سبتمبر قبل فترة الإجازات، ما أدى إلى هبوط حاد في أكتوبر. ومع ذلك، تؤكد البيانات أن ضعف الاستثمار يُعد من أبرز المخاطر التي تهدد النمو، حيث يعكس التراجع المستمر في الإنفاق على العقارات والبنى التحتية حالة من التردد لدى الشركات والمستثمرين.
ووفقاً لبلومبيرغ , تسعى الحكومة الصينية إلى كبح هذا التراجع من خلال حزمة تحفيز مالية تبلغ قيمتها تريليون يوان نحو 141 مليار دولار، أُقرت منذ نهاية ايلول/سبتمبر بهدف دعم الإنفاق الرأسمالي وتعزيز ميزانيات الحكومات المحلية. غير أن التوقعات بإجراء تيسير نقدي إضافي تبدو محدودة، خصوصاً بعد أن أشار البنك المركزي هذا الأسبوع إلى أنه غير قلق من تباطؤ نمو القروض.
ختاماً ورغم هذه التحديات، لا يزال هدف الصين بتحقيق نمو يقارب 5% في عام 2025 يبدو قابلاً للتحقيق، خاصة إذا ساهم الاتفاق التجاري الأخير بين الرئيسين شي جينبينغ ودونالد ترامب في تخفيف التوترات بين البلدين وتنشيط حركة الصادرات خلال الأشهر المقبلة. وفي الوقت نفسه، يحذر اقتصاديون من أن الصين تحتاج إلى إصلاحات أعمق في نظام الحماية الاجتماعية وتوزيع الدخل لتعزيز الاستهلاك المحلي بشكل مستدام ودعم مسار التعافي الاقتصادي.
