الذكاء الاصطناعي يتجه إلى القمر لحل أزمة الطاقة العالمية

بلو أوريجين
يتجه الحماس المتزايد حول الذكاء الاصطناعي اليوم الأحد، نحو آفاق جديدة، وتحديداً نحو الفضاء الخارجي، إذ يناقش أغنى رجال العالم بجدية إمكانية إنشاء مراكز بيانات ضخمة بين النجوم، وذلك لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة.
كما يعتقد هؤلاء، ومنهم جيف بيزوس، أن هذا التوجه هو الحل الأكثر منطقية لتلبية متطلبات الطاقة المستقبلية، بينما وصف بيزوس القمر تحديداً بأنه "هدية من الكون" يمكن استخدامها قاعدة لتطوير وإطلاق المشاريع الفضائية.
فبحسب ما نقلت وكالة بلومبيرغ، يأتي هذا التوجه الفضائي، مدعومًا بالجهود الحثيثة لشركات الصواريخ الكبرى مثل "بلو أوريجين"، (لبيزوس)، و"سبيس إكس"، التابعة لإيلون ماسك، والتي تعمل على تخفيض تكاليف السفر الفضائي وجعله روتينيًا.
وتزامنًا مع ارتفاع المخاوف من حدوث فقاعة استثمارية في الذكاء الاصطناعي، تتشابك التوقعات حول إن كان ستتحقق إقامة القواعد على القمر، أم ولادة الذكاء الاصطناعي فائق الذكاء، حيث يعكس هذا التقارب مدى الحماس الاستثماري الهائل المشترك بين المجالين.
ووفقا لبلومبيرغ، فإنه على الرغم من أن الاقتصاديات الحالية لمراكز البيانات الفضائية تبدو غير منطقية، إلا أن تحليلًا أجراه فيل ميتزجر، أستاذ الأبحاث في جامعة سنترال فلوريدا، يشير إلى أنها قد تصبح مجدية في غضون عقد أو نحو ذلك.
من جانبه، أعرب ميتزجر عن اعتقاده بأن خوادم الذكاء الاصطناعي في الفضاء تعد أول حالة عمل حقيقية، وستمهد الطريق لهجرة بشرية أوسع خارج الأرض.
في السياق نفسه، ووفقاً لتقرير بلومبيرغ، تواجه شبكات الطاقة على الأرض ضغطاً كبيراً، خاصة بعد إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حالة طوارئ، كما تشير التقديرات الحكومية الأميركية إلى ضرورة إضافة كميات هائلة من الطاقة، وذلك لتلبية متطلبات الذكاء الاصطناعي المتزايدة.
ونتيجة لذلك، بدأت شركات الذكاء الاصطناعي في تطوير قدراتها الذاتية لتوليد الطاقة، حيث استخدمت شركة "إكس إي آي" التابعة لإيلون ماسك، توربينات الغاز كمصادر مؤقتة، بينما تضغط "أوبن إي آي" على الحكومة، وذلك لتأمين شراكات تهدف لإضافة 100 جيجاوات سنوياً.
وتشير المقالة إلى أن الطلب الحالي البالغ 100 جيجاوات يبدو ضخماً لدرجة أنه أشبه بالخيال العلمي، لا سيما مع مقارنته بكمية الطاقة الخارقة التي كانت ضرورية لآلة الزمن في فيلم "العودة إلى المستقبل"، البالغة 1.21 جيجاوات، حيث يعكس هذا التحول مدى ضآلة 1 جيجاوات في العصر الحالي، علماً بأنها كانت في السابق تعادل نحو نصف الطاقة المولدة من سد هوفر.
عللى مقلب آخر، تتركز الحجة الأساسية للانتقال إلى الفضاء في اعتقاد بأن احتياجات الذكاء الاصطناعي ستتجاوز قدرة الأرض، مما يتطلب تسخير قوة الشمس بكفاءة أكبر، كما تشمل المزايا الفضائية الحصول على طاقة شمسية مستمرة ومباشرة دون انقطاع بسبب الغيوم أو الأمطار أو الليل، كفاءة تبريد عالية بسبب وجود الفراغ، إضافة إلى التحرر من القيود التنظيمية الأرضية التي تبطئ البناء. من جانبه، يؤكد بيزوس على هذه الجدوى المستقبلية، مؤكدا على أنهم سيكونون قادرين على التغلب على تكلفة مراكز البيانات الأرضية في الفضاء في العقدين المقبلين.
من جانبها، أعلنت غوغل (ألفابت) عن مشروع "صائد الشمس"، الذي وصفته بأنه مبادرة "متحفظة" وأولية لتوسيع نطاق التعلم الآلي في الفضاء، كما أنه بحسب تصريحات الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي، ستطلق الشركة نموذجين أوليين من الأقمار الصناعية بحلول أوائل عام 2027، وذلك بهدف اختبار أجهزة المشروع في المدار.
أما على صعيد إنفيديا، فقد أعلنت عن شراكة مع شركة "ستار كلاود" الناشئة، للعمل على مراكز بيانات فضائية.
من جانبه، كثف إيلون ماسك رؤيته للسماء، متحدثًا عن استخدام مركباته الفضائية لنشر إصدارات جديدة من أقمار "ستارلينك" المزودة بأشعة ليزر عالية السرعة لبناء مراكز بيانات في الفضاء، مؤكدا أن هذه الأقمار الصناعية ستكون قادرة على توليد 100 جيجاوات من الطاقة الشمسية سنويًا، وهو ما يمثل تقريبًا ربع متوسط استهلاك الولايات المتحدة السنوي، مشيرًا إلى أن لديه خطة مرسومة للقيام بذلك.
وفي رؤية أكثر جرأة، اقترح ماسك على منصة X أن توليد 100 تيراوات سنويًا أمر ممكن، وذلك عبر إقامة قاعدة قمرية، حيث تعتمد هذه الرؤية على إنتاج الأقمار الصناعية التي تعمل بالطاقة الشمسية محليًا على القمر، ثم قذفها إلى المدار باستخدام "مشغل كتل" (منجنيق عملاق)، وهو ما سيؤدي إلى توليد 100,000 جيجاوات سنويًا.
وقد أعرب ماسك عن اعتقاده بأن الذكاء سيستمر في التوسع حتى يتم تسخير معظم قوة الشمس للحوسبة.
وتشير المقالة في الختام إلى أنه على الرغم من صعوبة تصديق هذه الرؤى حاليًا، فقد كان ماسك يثير السخرية قبل بضع سنوات عندما حذر من نقص الطاقة بسبب ارتفاع الطلب على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى، وهي مشكلة يُبحث لها الآن عن حلول في الفضاء.
