وصول بن سلمان إلى البيت الأبيض... ماذا على أجندته الاقتصادية؟

الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب (الإنترنت)
وصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، حيث ينتظره جدول حافل بمباحثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الدفاع، الأمن، الطاقة، والاستثمارات في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. ويصطحب الأمير وفدًا يضم قرابة ألف مسؤول ومستشار، في خطوة نادرة خارج المنطقة للأمير البالغ من العمر 40 عامًا، تعكس أهمية تعزيز العلاقات بين الرياض وواشنطن والتي تقول المملكة إنها ستسهم في تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
استقبل ترامب ولي العهد بحفاوة كبيرة، تماثل تلك التي قوبل بها في مايو الماضي عند زيارة الرئيس الأميركي للرياض. ومن المتوقع أن تكون أبرز محاور الزيارة توقيع سلسلة من الاتفاقيات في مجالات الدفاع والأمن والطاقة النووية، بالإضافة إلى شراء السعودية لطائرات F-35 الأميركية، واتفاقيات استثمارية تشمل قطاعات التكنولوجيا والطاقة والذكاء الاصطناعي، مع السعي للحصول على موافقة لاستيراد رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وفقًا لتقارير بلومبيرغ.
وأشار المعلق السعودي عبد الرحمن الراشد في صحيفة “الشرق الأوسط” إلى أن السعودية تمثل قوة اقتصادية صاعدة ضمن مجموعة العشرين وشريكًا استثماريًا رئيسيًا للولايات المتحدة، مؤكدًا أن نجاح العلاقات السعودية-الأميركية سيكون له أثر ملموس على استقرار وازدهار المنطقة. وتأتي الزيارة في وقت تسعى فيه المملكة لتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز مكانتها كمركز اقتصادي واستثماري إقليمي، وفق تصريحات المسؤولين السعوديين.
وتشكل الزيارة فرصة للأمير السعودي لاستعادة مكانته بعد فترة شهدت عزلة دولية نتيجة قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، فيما يُتوقع أن يشمل حفل العشاء في البيت الأبيض حضور شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك وتايغر وودز، بالإضافة إلى كبار التنفيذيين من شركات التكنولوجيا والطاقة المشاركين في منتدى استثماري، ما يعكس اهتمام الرياض بتوسيع الشراكات الاقتصادية والتقنية، بحسب بلومبيرغ.
ومع ذلك، يعتمد نجاح معظم الاتفاقيات على العلاقة الشخصية بين MBS وترامب، والتي تمتد إلى ولاية الرئيس الأميركية الأولى، حيث أن هذه الاتفاقيات، بما فيها صفقة الدفاع، لا تتضمن التزامات رسمية ملزمة قد تحتاج موافقة الكونغرس وقد يمكن لأي رئيس مستقبلي إلغاؤها. وقال جون ألترمان، الخبير في الأمن العالمي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "التحدي للسعوديين هو عدم وجود ضمانات رسمية لاستمرارية هذه الاتفاقيات بعد إدارة ترامب".
كما تُظهر هذه الديناميكية التحديات المتعلقة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو هدف طويل الأمد لواشنطن وترامب، غير المتوقع إحراز تقدم فيه خلال هذه الزيارة بسبب الوضع الحساس في غزة، بينما يبقى التزام محمد بن سلمان بالخطوات الأولى نحو دولة فلسطينية ثابتًا. ومن موضوعات عدم اليقين الأخرى رغبة السعودية في استيراد رقائق الذكاء الاصطناعي من شركات مثل Nvidia وAMD، والتي تقيّدها واشنطن منذ 2023، مع سعي الطرفين لحل المخاوف الأمنية قبل منح الترخيص، بحسب بلومبيرغ.
أما الصفقة التي يبدو أنها حسمت فحسب، فهي بيع طائرات F-35، حيث أكد ترامب أن الصفقة ستتم، فيما كانت إسرائيل الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك هذه الطائرات وترغب في الحفاظ على احتكارها، لكن هذه العقبة تجاوزت حسب بلومبيرغ.
ومن المتوقع أن تشمل الاجتماعات كذلك القضايا الإقليمية، بما في ذلك الملف الإيراني واستقرار أسعار النفط والوضع العام في الشرق الأوسط، مع التركيز على سبل تعزيز السلام والأمن الإقليمي من خلال التعاون العسكري والاقتصادي بين واشنطن والرياض. وتعتبر هذه الزيارة اختبارًا للعلاقات الشخصية بين محمد بن سلمان وترامب، والتي تلعب دورًا أكبر من القنوات الرسمية في توجيه التعاون الاستراتيجي، وقد تؤثر على مدى استمرارية أي اتفاقيات مستقبلية، وفق بلومبيرغ.
وتشير التحليلات إلى أن مشاركة كبار التنفيذيين من شركات التكنولوجيا والطاقة، إلى جانب شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك وتايغر وودز، يعكس حرص الرياض على توسيع شراكاتها الاقتصادية واستكشاف فرص استثمارية وتقنية جديدة، بما في ذلك مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة، لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية في ظل التحولات الجيوسياسية الحالية.
كما تأتي الزيارة في إطار استمرار المملكة بتنفيذ رؤية 2030 الرامية إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط، ما يجعل الزيارة فرصة لتأمين استثمارات استراتيجية وعقود طويلة الأجل، إلى جانب تعزيز التعاون العسكري والأمني بما يخدم مصالح الطرفين.
