الصين تسيطر على المكونات الأساسية للأدوية العالمية

سيطرت الصين على جزء كبير من سلسلة التوريد العالمية للأدوية، ما يجعل اعتماد الولايات المتحدة والدول الأخرى على المواد الخام الصينية نقطة ضعف استراتيجية يمكن أن تُستغل إذا تدهورت العلاقات بين البلدين مجددًا. ويشير تقرير اللجنة الأميركية لمراجعة العلاقات الاقتصادية والأمنية مع الصين إلى ضرورة التصرف العاجل لمعالجة الاعتماد الأميركي على الصين في صناعة المكونات الأساسية للأدوية.

وفقاً لمصادر بلومبيرغ , اقترح التقرير تعديل قانون صدر عام 2020 لتوسيع سلطة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لطلب تقارير من شركات الأدوية حول حجم وأصل المواد الأولية المستخدمة في تصنيع الأدوية الحديثة، وتشجيع استخدام الإمدادات من مصادر غير صينية. وقد أظهرت الأحداث الأخيرة، مثل التوسع الصيني في قيود تصدير المعادن النادرة، أن هذه الثغرة الاستراتيجية لم تعد يمكن تجاهلها.

وتعتمد الولايات المتحدة ودول أخرى بشكل كبير على الصين لإنتاج المكونات الأساسية، المعروفة باسم المواد الأولية الأساسية (KSM)، والتي تُستخدم لإنتاج المكونات النشطة للأدوية (API). وبفضل صناعتها الضخمة والمتخصصة منذ خمسينيات القرن الماضي، أصبحت الصين لاعبًا رئيسيًا في سلسلة التوريد العالمية للأدوية.

كما أظهرت البيانات أن الصين لم تكن جزءًا من ملفات إدارة الغذاء والدواء عام 1980، لكن بحلول العام الماضي، أصبحت تمثل 45% من إجمالي الملفات، متجاوزة الهند التي كانت المصدر الرئيسي سابقًا. وتكمن المخاطر أيضًا في أن الهند، أكبر مورد للأدوية الجنيسة عالميًا، تعتمد هي نفسها على الصين في إنتاج المواد الأولية الأساسية، وهو ما لا يظهر في البيانات الرسمية.

وأكد التقرير أن نصف المكونات النشطة المستخدمة في الولايات المتحدة تأتي من مصدر واحد فقط، حيث تعد الصين المورد الحصري لمادة كيميائية واحدة على الأقل تُستخدم في نحو 700 دواء حيوي. على سبيل المثال، تعتمد أربعة مكونات رئيسية في إنتاج المضاد الحيوي "أموكسيسيلين" تقريبًا بالكامل على الصين، رغم أن الدواء يبدو عند النظر السطحي أنه له مصادر متنوعة عالميًا.

بالإضافة , أشار التقرير إلى أن الاعتماد على مصدر واحد يمثل خطرًا كبيرًا، كما أظهرت أزمة نقص الإمدادات الطبية أثناء جائحة كورونا. ورغم أن بكين لم تهدد مطلقًا خلال الحرب التجارية بحجب الصادرات الطبية، إلا أن أي تفشي فيروس عالمي جديد قد يعرّض سلسلة التوريد للخطر.

واشار ليeland Miller، عضو لجنة المراجعة الأمنية الأميركية، إن بكين تتحكم في "جزء مخيف" من المكونات النشطة للأدوية، وأضاف أن الهدف النهائي هو إنشاء سلسلة توريد تشمل الهند وحلفاء آخرين لتكون مستقلة عن الصين في مجالات محددة.

وفي نفس السياق ووفقاً لبلومبيؤغ , يعد هذا تحديًا كبيرًا بسبب هوامش الربح المنخفضة وصعوبة إنتاج المركبات الأولية، التي بدأت الصين بتحرير إنتاجها منذ الثمانينيات مع التركيز على تقليل التكاليف للسكان المحليين. وأوضح تقرير إعلامي أن تكلفة محاكاة هذه السلسلة في الولايات المتحدة قد تزيد بنسبة 50% للشركات الأميركية.

ختاماً , يستند هذا التوجه الأميركي إلى اتفاقية البنتاغون مع شركة MP Materials المنتجة للمعادن النادرة، التي تشمل منجمًا في كاليفورنيا، وتتضمن الصفقة حدًا أدنى للأسعار لمدة عشر سنوات مع ضمان دفع وزارة الدفاع للفارق إذا انخفضت القيمة السوقية للمنتجات عن مستوى محدد، ما يشكل نموذجًا لإنشاء سلسلة توريد مستقلة جزئيًا عن الصين.