عون يشيد بإيجابية اجتماع الميكانيزم... ومجلس الوزراء يوافق على آلية تفرغ أساتذة اللبنانية
مجلس الوزراء اللبناني (وطنية)
أشاد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بأهمية الصورة التي قدّمها اللبنانيون خلال زيارة قداسة البابا لاون الرابع عشر إلى لبنان، معتبراً أنّ وحدة اللبنانيين وتضامنهم شكلت نموذجاً أصيلاً وحقيقياً انعكس في كل لحظة من الزيارة التاريخية. وأكد أنّ “كل دمعة ألم أو أمل رافقت هذه الأيام الثلاثة ستبقى عهدًا علينا”، موجّهاً شكره للبنانيين على ما وصفه بالإنجاز الوطني الكبير.
وتناول الرئيس عون في مستهل جلسة مجلس الوزراء، التي انعقدت في القصر الجمهوري بحضور رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام والوزراء، نتائج اجتماع لجنة الميكانيزم الأول الذي شارك فيه السفير سيمون كرم. وأكد أنّ الاجتماع وما تبعه من ردود فعل إيجابية يشكّل فرصة يجب استثمارها لإبعاد “شبح الحرب الثانية عن لبنان”، مشدداً على أنّ “لغة التفاوض يجب أن تكون بديلاً عن لغة الحرب”، ومؤكداً أن سيادة لبنان “خط أحمر لا تنازل عنه”.
وأوضح الرئيس عون أنّ التوجيهات التي أعطاها مع الرئيس سلام للسفير كرم تتمحور حصراً حول التفاوض الأمني: وقف الاعتداءات، الانسحاب من النقاط المحتلة، ترسيم الحدود، وإعادة الأسرى، مشدداً على أنّ اللجنة لا تتعدّى هذه الخطوط مهما قيل عكس ذلك. وكشف أنّه سيبلغ هذا الموقف لوفد مجلس الأمن الذي يزور لبنان غداً برفقة مورغان أورتاغوس، للاطلاع ميدانياً على الواقع في الجنوب.
كما أشار الرئيس عون إلى الإحصاءات المتعلقة بعمل مجلس الوزراء منذ نيله الثقة، كاشفاً أنّه عقد أربعين جلسة اتخذ خلالها 941 قراراً وأقر 1998 مرسوماً، معتبراً هذا العمل “إنجازاً” في ظل الظروف الصعبة. وتحدث عن الزيارة المرتقبة إلى سلطنة عمان بمشاركة عدد من الوزراء، وعن الاتفاق الذي تم توقيعه مع قبرص ومردوده الإيجابي المتوقع، وخصوصاً فيما يتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز.
بدوره، استعرض رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام نتائج الاتصالات الدولية، موضحاً أنّ وفد مجلس الأمن الذي يصل إلى بيروت سيبحث الخيارات المتاحة بعد انتهاء مهمة قوات اليونيفيل نهاية العام المقبل، وبينها إمكانية نشر قوة دولية لمراقبة الحدود أو قوة مصغرة مشابهة لتلك الموجودة في الجولان. كما أكد أن مشروع قانون الفجوة المالية أصبح في مراحله الأخيرة تمهيداً لإرساله إلى مجلس النواب.
وعرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل، الذي شارك في جانب من الجلسة، المراحل التي قطعتها خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة، متوقفاً عند الصعوبات القائمة، من الاعتداءات الإسرائيلية إلى الحاجات اللوجستية، إضافة إلى المهام الأمنية المتعددة التي تضطلع بها المؤسسة العسكرية، من مكافحة المخدرات وملاحقة الإرهاب إلى الانتشار الكثيف خلال زيارة البابا.
المقررات
أذاع وزير الإعلام الدكتور بول مرقص مقررات الجلسة، موضحاً أن مجلس الوزراء استهل أعماله بشكر رسمي وجامع للبنانيين على مشاركتهم في نجاح الزيارة البابوية التاريخية. ولفت إلى أنّ الرئيس عون أثنى على التنظيم المحترف الذي قامت به الأجهزة الأمنية والعسكرية، وعلى التطوع الواسع لآلاف الشابات والشبان، وعلى مشاركة ذوي شهداء انفجار مرفأ بيروت في الصلاة الصامتة التي أقامها البابا، مؤكداً أنّ هذه اللحظة “تضاعف مسؤولية الدولة في جلاء الحقيقة”.
كما ثمّن الرئيس عون جهود الإدارات الرسمية والجهات الروحية والمدنية والإعلام اللبناني، وتوقف عند أهمية الشفافية المالية، داعياً الجهات المنظمة للزيارة إلى تقديم قطع حساب علني لكل ما أُنفق، مجدداً ثقته في نزاهتهم. وأكد أنّ “ألف صورة وصورة” ستبقى حاضرة في ذاكرة اللبنانيين، مجدداً شكره لصاحب القداسة ومعبّراً عن أمله بأن لا تكون زيارته الأخيرة إلى لبنان.
وتناول الوزير مرقص مداخلة وزير المال ياسين جابر، الذي كشف أنّ صندوق النقد الدولي كان قد طلب تحقيق فائض وزيادة الضرائب، لكن وزارة المال رفضت ذلك نظراً إلى الضائقة التي يعيشها اللبنانيون، واتجهت بدل ذلك إلى تعزيز الجباية. وأكد جابر أنّ الجباية الجمركية وضريبة القيمة المضافة تضاعفت، مشيراً إلى ملاحقة أكثر من 4500 شركة متهمة بالتهرب الضريبي وفق قانون مكافحة تبييض الأموال. وكشف أنّ قرار الحجر الجمركي دفع 1800 شركة إلى تسديد الغرامات خلال ثلاثة أيام.
وأكد وزير المال أنّ الوضع المالي مستقر وأن الخزينة بدأت تسجل فائضاً بالليرة اللبنانية، محذراً من ضخ كميات كبيرة من الليرة في السوق كي لا يرتفع سعر صرف الدولار الأميركي. وأشار إلى خطة لرفع رواتب القطاع العام تدريجياً ضمن سقف واقعي مرتبط بتحسن الوضع الاقتصادي. كما شدد على أهمية متابعة ملف أموال المودعين وقرض صندوق النقد واليوروبوند والنفط العراقي، لافتاً إلى التقدم الذي يحرزه الفريق الحكومي في إعداد قانون الفجوة المالية.
وأكد الرئيس عون أنّ ما عرضه وزير المال “إنجاز يجب أن يفتخر به كل وزير”، معتبراً أنّه يشكّل رداً واضحاً على الانتقادات الموجهة إلى عمل الحكومة. كما تناول رئيس الحكومة موضوع زيارة وفد مجلس الأمن، موضحاً أنها ستركز على مستقبل اليونيفيل ومسار الحلول الإقليمية، إضافة إلى مناقشة تطبيق قرار مجلس الأمن المتعلق بغزة ومبادرة السلام العربية.
ووافق مجلس الوزراء على الآلية والمعايير المتعلقة بتفرغ الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية، وطلب من وزيرة التربية الاجتماع مع وزير المال لوضع تصور واضح للكلفة المالية وطرق تأمين الاعتمادات قبل اتخاذ القرار النهائي. كما استعرض المجلس التقرير السري لقائد الجيش، وأقر معظم بنود جدول الأعمال المؤلف من عشرين بنداً.
وفي ختام الجلسة، رد وزير الإعلام على أسئلة الصحافيين، موضحاً أنّ الجيش ملتزم بالمهل الزمنية الموضوعة لتنفيذ خطته جنوب الليطاني رغم الصعوبات، وأن النقاش حول القوات الدولية سيتم خلال لقاء رئيس الحكومة مع وفد مجلس الأمن. وأكد أن توسيع لجنة الميكانيزم يندرج في إطار تعزيز الخبرة التفاوضية وليس استجابة لأي ضغوط خارجية، وأن الاستراتيجية اللبنانية قائمة على الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الأسرى ووقف الاعتداءات، مع استمرار تحرك لبنان دبلوماسياً لتأمين دعم دولي لموقفه.