المحكمة العليا الأميركية تختبر صلاحيات الرئيس على الوكالات المستقلة

تستعد المحكمة العليا الأميركية، الميالة للتيار المحافظ، لإعادة النظر في قضية تحدد مدى صلاحيات الرئيس في إقالة أعضاء الوكالات المستقلة مثل لجنة التجارة الفيدرالية (FTC). وتأتي هذه القضية بعد أن حاول الرئيس دونالد ترامب إقالة مفوضة اللجنة ريبيكا كيلي سلاوتر هذا العام بدون سبب، ما يفتح نقاشاً حول استقلالية الهيئات التنظيمية التي تشرف على قضايا تشمل المنافسة التجارية، حماية المستهلك، الانتخابات، الطاقة، النقل والإعلام.
وفقاً لمصادر بلومبيرغ اليوم , تعود جذور هذه القضية إلى عام 1933، حين أقال فرانكلين د. روزفلت أحد أعضاء لجنة التجارة الفيدرالية خوفاً من أن يعرقل إصلاحاته الاقتصادية خلال الكساد الكبير. حينها قضت المحكمة العليا الأميركية، بالإجماع، بأن الكونغرس قصد من إنشاء اللجنة أن تكون هيئة مستقلة غير حزبية، وليست خاضعة للبيت الأبيض. وأدى هذا الحكم لاحقاً إلى إنشاء عشرات الوكالات المستقلة التي يقودها خبراء متخصصون، بعيداً عن التأثير السياسي المباشر.
منذ توليه الرئاسة، حاول ترامب إقالة 17 عضواً في وكالات مستقلة مثل مجلس علاقات العمل الوطني، ولجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية، ومجلس سلامة النقل الوطني، ما أدى إلى رفع دعاوى قضائية لاستعادة وظائفهم. وتسلط هذه القضايا الضوء على التوازن الدقيق بين السلطة التنفيذية واستقلال الهيئات التنظيمية، والتي أثبتت عبر العقود أهميتها في حماية المصلحة العامة بعيداً عن السياسة الحزبية.
كما تشير الخبرة التاريخية إلى أن استقلالية هذه الوكالات مكنت قراراتها من تحقيق منافع ملموسة، مثل فرض قواعد الإفصاح المالي على الشركات بعد فضيحة ووترغيت، وتوصيات بتركيب أجهزة كشف الدخان في الطائرات بعد حرائق مميتة، وحظر الدهانات المحتوية على الرصاص لحماية صحة الأطفال، رغم مقاومة الصناعة.
ووفقاً لبلومبيرغ , هيكلية لجنة التجارة الفيدرالية فريدة من نوعها، فهي تجمع بين وظائف التشريع، والتنفيذ، والقضاء داخل هيئة إدارية مستقلة، ويتعين على المفوضين الحصول على موافقة مجلس الشيوخ، ويحق إقالتهم فقط لأسباب محددة مثل الإهمال أو سوء التصرف، ما يضمن استقلاليتهم عن التأثيرات السياسية المباشرة.
ختاماً , القضية الحالية أمام المحكمة العليا تمثل اختباراً حاسماً لصلاحيات الرئيس على الوكالات المستقلة، ونتائجها ستحدد كيفية صياغة القواعد وتنفيذها في الولايات المتحدة لعقود قادمة، مع تأثير يمتد إلى وكالات تشرف على الانتخابات، الإعلام، النقل، الطاقة، حماية المستهلك، وأكثر من ذلك.
