سباق الذكاء الاصطناعي في الهند يشتد مع استثمارات ضخمة ووصول كبار التنفيذيين

تتسارع المنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي في الهند مع زيارة ساتيا ناديلا، المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت، هذا الأسبوع، لتكون أحدث الشخصيات القيادية في قطاع التكنولوجيا التي تزور البلاد لجذب سوق محتمل ضخم واستغلال الهند، الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، كميدان اختبار لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

تركز شركات التكنولوجيا الكبرى على ما يقارب مليار مستخدم للإنترنت في الهند، وتعهدت باستثمارات بمليارات الدولارات في قطاع الذكاء الاصطناعي. فقد أعلنت أمازون الأسبوع الماضي أنها بصدد استثمار 12.7 مليار دولار في البنية التحتية السحابية والذكاء الاصطناعي بحلول نهاية العقد. كما تخطط OpenAI وGoogle (شركة Alphabet Inc.) لاستثمارات في مراكز البيانات تفوق إنفاقهما المحلي في الولايات المتحدة.

خلال زيارة ناديلا السابقة في كانون الثاني/يناير، تعهد باستثمار 3 مليارات دولار على مدى العامين القادمين، بينما من المتوقع أن يلتقي هذه المرة برئيس الوزراء ناريندرا مودي بالإضافة إلى قادة الأعمال ورواد المشاريع. وتعتاد الهند على مثل هذه الزيارات، إذ من المتوقع أن يزور البلاد قريبًا جيانسن هوانغ من Nvidia وDemis Hassabis من Google DeepMind، على خلفية زيارة Dario Amodei من Anthropic PBC في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ويقول رونّي سكروفالا، مستثمر في مجال الذكاء الاصطناعي ومؤسس شركة UpGrad للتكنولوجيا التعليمية: “يأتون لإنشاء قاعدة مستخدمين لتحسين منتجاتهم وخدماتهم، فالهند تتحول إلى ساحة اختبار للاقتصاد القائم على الذكاء الاصطناعي”.

تتنافس الشركات لجذب بيانات الملايين من الشباب الهنود الناطقين بالإنجليزية والمتصلين عالميًا، مع تقديم عروض لخدمات متميزة غير متاحة في أسواق أخرى. فشركة مايكروسوفت تحاول جذب الطلاب عبر الوصول المجاني إلى مساعدها Copilot، بينما أطلقت OpenAI اشتراكًا مجانيًا لمدة سنة لـChatGPT Go لكل المستخدمين الهنود. وتقدم Google، عبر شركة Reliance Jio، خدمة Gemini 2.5 Pro لمدة 18 شهرًا، تبلغ قيمتها نحو 400 دولار لحوالي نصف مليار مشترك. أما شركة Perplexity فقد أدمجت خدمتها المميزة في ملايين الأجهزة التابعة لمنافس Jio، شركة Airtel.

يستفيد المستخدمون من هذه الخدمات مثل سيدهانت شارما، البالغ 24 عامًا، الذي يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب حياته اليومية. فهو يعتمد على ChatGPT من OpenAI وGemini من Google لمساعدته في كتابة أوراق البحث الأكاديمية، ومحاكاة مقابلات العمل، وإنتاج مقاطع فيديو قصيرة كمؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتتجاوز أهمية الهند في سباق الذكاء الاصطناعي مجرد توفير بيانات التدريب، إذ يدخل سوق العمل ملايين الخريجين المتخصصين في تعلم الآلة وعلوم البيانات سنويًا، ما يتيح للشركات تطوير وتحسين تطبيقات الذكاء الاصطناعي بتكاليف تنافسية. وقد جعلت هذه الموارد الهند نقطة جذب لا غنى عنها لشركات مثل Microsoft وGoogle، حيث تتوسع OpenAI وAnthropic بفتح مكاتب وتوظيف بشكل مكثف.

ويتكيف قطاع التعهيد الكبير في الهند مع هذا النمو. فبعد أن كان يُنظر إليه سابقًا كمجرد مناطق لتخفيض التكاليف، أصبحت مراكز القدرات العالمية البالغ عددها 1700 مركزًا في الهند مراكز ابتكار للذكاء الاصطناعي، تشارك في تطوير النماذج اللغوية الكبيرة، وتصميم المنتجات، وتصميم أشباه الموصلات، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ومن المتوقع أن يعزز اعتماد الذكاء الاصطناعي في القطاع عمليات التوظيف، إذ من المتوقع أن تضيف هذه المراكز 1.3 مليون وظيفة جديدة بحلول نهاية العقد، لتصل مجموع الوظائف إلى 3.46 مليون وظيفة، وفقًا لتقرير حديث لمزود حلول المواهب العالمي NLB Services. ومن المتوقع أن تساهم الوظائف الجديدة مثل مهندسي حوكمة الذكاء الاصطناعي واستراتيجيي المخاطر في زيادة الوظائف بنسبة 11٪ العام المقبل.

وشملت أحدث الوافدين إلى قطاع مراكز القدرات العالمية في الهند شركات مثل Costco Wholesale، وVanguard Group Inc.، ومصمّم الشرائح Infineon Technologies AG. كما افتتحت Cohesity Inc.، شركة ناشئة متخصصة في أمن البيانات وإدارتها مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مركزًا جديدًا للبحث والتطوير في مركز التكنولوجيا في بنغالور الأسبوع الماضي.