أسعار النفط تتراجع ...مع تصاعد التوترات الجيوسياسية

شهدت أسعار النفط تراجعاً بعد أن كانت قد حققت مكاسب أولية، وذلك عقب قيام الولايات المتحدة بالاستحواذ على ناقلة خاضعة للعقوبات قبالة السواحل الفنزويلية، في وقت تراجعت فيه الأسواق المالية بشكل عام متأثرة بالخسائر في الأسهم والأصول ذات المخاطر العالية. وواصلت عقود خام برنت العالمية تسجيل أسعار فوق 62 دولاراً للبرميل، رغم تقلص المكاسب المبكرة التي كانت قد وصلت إلى نحو 0.7%، فيما بقي خام غرب تكساس الوسيط دون مستوى 59 دولاراً للبرميل.
وتعرضت السوق لضغوط إضافية نتيجة نتائج أرباح الشركات المخيبة للآمال، وهو ما خفف من تأثير المخاطر المتزايدة الناجمة عن التصعيد بين واشنطن وكراكاس. واعتبرت الخطوة التي قامت بها القوات الأميركية بالاعتراض والمصادرة للناقلة الكبيرة جداً، بمثابة تصعيد واضح، فيما وصفت الحكومة الفنزويلية هذا الإجراء بـقرصنة. وتُعد فنزويلا عضواً بارزاً في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وتمتلك أكبر احتياطيات نفطية في العالم، حيث بلغت صادراتها الشهر الماضي حوالي 586 ألف برميل يومياً معظمها موجه إلى الصين, وفقا لبلومبيرغ.
كما أن شركة شيفرون الأميركية تواصل عمليات ضخ النفط في فنزويلا، والذي يُرسل بشكل رئيسي إلى الأسواق الأميركية، وأكدت الشركة أن عملياتها في البلاد تسير بشكل طبيعي دون أي تعطيل.
وفي سياق متصل، قامت أوكرانيا بشن هجوم على ناقلة تابعة لما يُعرف بالأسطول الظلّ، المرتبط بأنشطة تجارة النفط الروسية في وقت تبذل فيه الولايات المتحدة جهوداً دبلوماسية لدفع الطرفين نحو التوصل إلى وقف لإطلاق النار. ويُظهر هذا الحادث الأخير استمرار التصعيد البحري، حيث سجلت تقارير منذ نهاية الشهر الماضي وقوع ما لا يقل عن خمس هجمات على سفن مرتبطة بروسيا، مما يعكس توتراً متنامياً في الممرات البحرية الإستراتيجية وتأثيراته على أسواق النفط العالمية.
ويأتي هذا التصعيد في وقت يعاني فيه سوق النفط من ضغوط هيكلية، حيث تشير التوقعات إلى أن زيادة إنتاج النفط من دول تحالف أوبك+ قد تفوق وتيرة نمو الطلب البطيء، مما يهدد بحدوث فائض في المعروض العالمي. وفي هذا السياق، من المقرر صدور تقارير شهرية مهمة من كل من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ووكالة الطاقة الدولية يوم الخميس، والتي من المتوقع أن تقدم تحليلات دقيقة عن التوازن بين العرض والطلب، وتوفر مؤشرات على اتجاهات الأسعار المستقبلية في الأسواق العالمية, بحسب بلومبيرغ.
وعلق روبرت ريني رئيس أبحاث السلع والطاقة الكربونية في بنك ويستباك، قائلاً إن الخطوة التي قامت بها الولايات المتحدة بالاستحواذ على ناقلة خاضعة للعقوبات قبالة سواحل فنزويلا، إضافةً إلى الهجوم الأوكراني على ناقلة أخرى مرتبطة بالأسطول الظل الروسي في البحر الأسود، من شأنها زيادة ما يُعرف بعلاوة المخاطر القصيرة الأجل المرتبطة بالعقوبات والتوترات العسكرية. وأضاف ريني أن الفائض المتزايد في المعروض النفطي سيستمر في الضغط على أسعار النفط خلال عام 2026، متوقعاً أن يبقى سعر خام برنت ضمن نطاق 60 إلى 65 دولاراً للبرميل في المرحلة الحالية، مع الأخذ في الاعتبار العوامل الجيوسياسية والإنتاجية المؤثرة على السوق.
وفي سياق مرتبط بالأسواق الأميركية، أظهرت بيانات الحكومة انخفاض مخزونات النفط في الولايات المتحدة بمقدار 1.8 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي. وفي التفاصيل، شهدت مخزونات النفط في منشأة كوشينغ في ولاية أوكلاهوما ارتفاعاً بعد أربعة أسابيع متتالية من التراجع، بينما لا تزال مستويات التسليم الخاصة بخام غرب تكساس الوسيط عند أدنى مستوياتها منذ عام 2007 في هذا التوقيت من السنة، ما يعكس استمرار ضغوط العرض والطلب في السوق المحلي, بحسب ما نشرت بلومبيرغ.
