مجلس القضاء الأعلى: مسار إستعادة الإنتظام القضائي مستمر رغم الأزمات والتحديات

مجلس القضاء الأعلى (الوكالة الوطنية للاعلام)
أعلن مجلس القضاء الأعلى أنّ انطلاق مسار إعادة بناء الدولة ومؤسساتها شكّل محطة مفصلية لعودة السلطة القضائية إلى أداء دورها الطبيعي، حيث جرى، بالتنسيق مع وزير العدل، استعادة انتظام العمل القضائي خلال السنة الجارية.
وقد تحقّق ذلك من خلال إعادة تكوين مجلس القضاء الأعلى والهيئة العامة لمحكمة التمييز، وإقرار مرسوم التشكيلات والمناقلات القضائية بعد أعوام طويلة من التعطيل، إلى جانب استكمال تكوين المجلس العدلي، بما أعاد الحيوية إلى المرفق القضائي ورسّخ أسس انتظامه.
وأشار إلى أنّ السلطة القضائية مرّت خلال الأعوام الماضية بظروف استثنائية بالغة القسوة، تمثّلت في أزمات غير مسبوقة وتحدّيات مسّت وجودها ودورها، ما انعكس تعطّلاً واسعاً في مؤسسات الدولة عموماً، وفي عمل المحاكم والدوائر القضائية على وجه الخصوص. وقد رافق ذلك فراغ كبير في عدد من المراكز القضائية الأساسية والحسّاسة، نتيجة العرقلة التي حالت دون إقرار مشروعي التشكيلات والمناقلات القضائية العامة والجزئية في حينه، إضافة إلى عدم إقرار قانون استقلالية السلطة القضائية وفق الصيغة والملاحظات التي كان قد تقدّم بها المجلس.
وأشار إلى أنّه وفي خضم التحديات المستجدة التي تواجه البلاد، تتكاثر في وسائل الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي مواقف وتعليقات تتناول أداء السلطة القضائية وأوضاع قصور العدل والمحاكم، وتطرح علامات استفهام حيال استقالة عدد من القضاة. وأوضح أنّ هذه القضايا ليست موضع إهمال، إذ إنّ الجهود متواصلة بالتعاون مع السلطات الرسمية المختصة لمعالجة هذه المسائل والعمل على تحسين الواقع القضائي وظروف قصور العدل، وذلك من خلال تنسيق دائم وتعاون وثيق مع وزارة العدل ومع الرؤساء الأُول الاستئنافيين في مختلف المحافظات، الذين يواصلون عملهم بجدية والتزام، رغم الأوضاع الاقتصادية الخانقة والظروف الأمنية الدقيقة والصعبة التي تمرّ بها البلاد.وأكد المجلس، في هذا السياق، تقديره العميق لما يقوم به القضاة العاملون في المناطق التي تنطوي على مخاطر أمنية جسيمة، مشيدًا بشجاعتهم وإصرارهم على مواصلة رسالتهم القضائية وخدمة المتقاضين رغم التحديات. كما عبّر عن اعتزازه بالجهود التي يبذلها القضاة في مختلف المواقع، والالتزام الذي يظهرونه في أداء واجباتهم القضائية وصون رسالة العدالة.
وفي ما يتصل بما يُتداول بشأن “الاستقالات” من السلك القضائي، أوضح المجلس أنّه منذ اندلاع الأزمة في أواخر عام 2019 وحتى اليوم، تقدّم عدد من القضاة باستقالاتهم لأسباب متنوّعة، شملت الضغوط المعيشية القاسية، والسعي إلى فرص عمل داخل لبنان أو خارجه، إضافة إلى دوافع صحية أو اجتماعية، فضلاً عن حالات أخرى ارتبطت بإجراءات أو ملاحقات تأديبية.وإذ عبّر المجلس عن أسفه لاستقالة عدد من القضاة، ولا سيّما أولئك الذين عُرفوا بالكفاءة والنزاهة والرصيد العلمي، فقد أبدى في المقابل استغرابه إقدام بعضهم على اللجوء إلى وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي للتعبير عن تظلّمهم حيال التشكيلات القضائية.
وأوضح أنّه يتعمّد الابتعاد عن الخوض في أي تفاصيل تتصل بهذه التشكيلات أو بالكشف عن الأسباب الفعلية التي دفعت بعض القضاة إلى الاستقالة، التزامًا منه بحماية الخصوصية والحفاظ على مقتضيات السرّية وصون هيبة القضاء.
ودعا المجلس جميع المعنيين إلى التحلّي بالدقّة والمصداقية عند تناول الشأن القضائي، وإلى مواكبة الجهود التي يبذلها في مسار النهوض الذي انطلق به مؤكّدًا أنّه كان ولا يزال يعمل على تحسين ظروف العمل القضائي والأوضاع المعيشية والمهنية للقضاة. كما شدّد على أنّه يواصل مطالبة السلطتين التشريعية والتنفيذية بالتعاون معه وملاقاة مساعيه، بما يضمن استمرارية المرفق القضائي وتعزيز فعاليته ودوره في خدمة العدالة.
