نشاط الأعمال في منطقة اليورو يبقى صلبًا مدعومًا بقوة قطاع الخدمات

أظهر اقتصاد منطقة اليورو متانة لافتة في تشرين الثاني/نوفمبر، إذ حافظت أنشطة القطاع الخاص على زخمها، ما يغذي الآمال بقدرة النمو على التسارع في الأسابيع الأخيرة من العام. وبحسب بيانات بلومبيرغ استنادًا إلى مؤشر مديري المشتريات المركب الصادر عن S&P Global، بلغ المؤشر 52.4 نقطة، مقتربًا من قراءة أكتوبر البالغة 52.5، ومؤكدًا بقاء النشاط بوضوح فوق مستوى 50 الفاصل بين التوسع والانكماش، رغم أن توقعات المحللين كانت تشير إلى استقرار دون تحسن.
وقد سجّل قطاع الخدمات أفضل أداء له منذ عام ونصف، مما عوّض التراجع المفاجئ في نشاط. وتشير بلومبيرغ إلى أن ألمانيا واصلت لعب دور المحرّك الاقتصادي، رغم تباطؤ وتيرة توسعها إلى 52.1 نقطة، وهي قراءة أدنى من توقعات السوق. أما فرنسا، التي ترزح تحت ضغوط مالية مرتبطة بملف الموازنة، فقد فاجأت التوقعات بعد أن اقترب مؤشرها من مستوى 50 رغم التحديات.
وقال سايرس دي لا روبيّا، الخبير الاقتصادي في بنك هامبورغ التجاري، في تصريحات نقلتها بلومبيرغ إن منطقة اليورو “تحافظ تقريبًا على معدل توسع قوي نسبيًا”، موضحًا أن ضعف قطاع التصنيع لا يزال يكبح الأداء العام، غير أن الثقل الكبير لقطاع الخدمات يعني أن اقتصاد المنطقة مرشح لنمو أسرع في الربع الأخير مقارنة بالربع الثالث.
وتضيف بلومبيرغ أن الاقتصاد الأوروبي أثبت قدرة على الصمود رغم الاضطرابات الناجمة عن التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، كما يُتوقع أن يحافظ على وتيرة نمو قريبة من مستويات العام الجاري خلال 2026، مع بدء ظهور آثار الاستثمارات الجديدة في البنى التحتية والقطاع العسكري. إلا أن الرقم الإجمالي يخفي تباينات واسعة بين اقتصادات منطقة اليورو، حيث فشل نحو نصف دولها — وفقًا لحجم الناتج — في تسجيل نمو خلال الربع الثالث.
وبالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، لا توحي المعطيات الحالية بوجود مبرر لخفض إضافي في أسعار الفائدة، بعدما جرى تقليصها إلى النصف مقارنة بذروتها عند 4%. وتشير بلومبيرغ إلى أن التضخم بات قريبًا من هدف 2%، فيما يتوقع معظم مسؤولي البنك استقراره حول هذا المستوى على المدى المنظور.
ورغم رصد تسارع في تضخم التكاليف داخل قطاع الخدمات، أوضح دي لا روبيّا أن هذا الارتفاع يُقابله تباطؤ في وتيرة زيادات أسعار البيع، ما يعني — بحسب ما نقلته بلومبيرغ — أن “الضغوط على صناع السياسة النقدية ستظل محدودة”، مرجّحًا بقاء أسعار الفائدة دون تغيير في كانون الأول/ديسمبر.
وتؤكد بلومبيرغ أن بيانات مؤشر مديري المشتريات تظل محط أنظار الأسواق نظرًا لقدرتها على التقاط التحولات الاقتصادية المبكرة، رغم صعوبة مواءمتها بشكل مباشر مع بيانات الناتج المحلي الإجمالي. وفي السياق نفسه، بيّنت بيانات الجمعة أن قراءة المؤشر المركب في المملكة المتحدة تراجعت، رغم بقائها فوق مستوى 50 بقليل.
