أزمة “جودة الأسهم”: إنفيديا تحت المجهر من جديد

يثير التراجع الأخير في تصنيف أسهم الذكاء الاصطناعي الكبرى مثل إنفيديا جدلًا واسعًا حول ما إذا كانت هذه الشركات قد فقدت مكانتها كأفضل الأسهم جودة في السوق. وتتمحور القضية حول تعريف “الجودة” الاستثمارية، وهو عامل أدّى إلى اختلافات كبيرة في أداء صندوقي مؤشرات شائعين، أحدهما قرر استبعاد إنفيديا ومعظم شركات التكنولوجيا الكبرى، وذلك وفق تقرير وول ستريت جورنال اليوم الأحد.
كل من صندوق iShares MSCI USA Quality Factor (QUAL) البالغ حجمه 48 مليار دولار، وصندوق S&P 500 Quality (SPHQ) البالغ 15 مليار دولار، يركزان على الشركات المصنّفة عالية الجودة بناءً على ربحية قوية وديون منخفضة. غير أن المؤشرين اللذين يعتمدهما الصندوقان يختلفان جذريًا، ما يؤدي إلى تباين كبير في تعرضهما لأسهم الذكاء الاصطناعي.
فصندوق QUAL المستند إلى مؤشر MSCI يخصص نحو ثلث ممتلكاته لخمسة من أكبر ثمانية أسهم تكنولوجية. في المقابل، يستثمر SPHQ المستند إلى مؤشر S&P في سهم واحد فقط من هذه القائمة: آبل.
نتيجة لذلك، شهد أداء الصندوقين تقلبات حادة. حتى حزيران/يونيو، وعند استبعاد إنفيديا، حقق SPHQ أفضل تفوق له على QUAL لفترة ستة أشهر. لكن خلال الأشهر الستة الأخيرة، تخلف SPHQ عن QUAL بأكبر فارق مسجل (باستثناء الفترة الأولى لإطلاق QUAL في 2013).
وتتجاوز القضية مجرد تعريف أكاديمي للجودة، إذ تعكس جدلًا أوسع في السوق حول ما إذا كانت رهانات شركات التكنولوجيا العملاقة على الذكاء الاصطناعي ستفتح آفاق ربح هائلة، أم أنها مجرد مغامرة مكلفة تنطوي على مخاطر مالية كبيرة.
وفي يونيو، استبعد SPHQ أسهم إنفيديا ومِيتا ونتفليكس، بينما كان قد استبعد مايكروسوفت في كانون الأول/ديسمبر الماضي. ويُرجع نيك كاليڤاس، رئيس إستراتيجيات العوامل في Invesco، ذلك إلى عامل محاسبي يُعرف بـ“الاستحقاقات” (Accruals).
وتُعد الاستحقاقات طريقة لقياس مدى اعتماد الأرباح على تدفقات نقدية فعلية مقابل أرباح مستقبلية أو عناصر غير نقدية. فالنقد المتاح اليوم أفضل من وعود قد لا تتحقق، خصوصًا عندما تتغير الظروف الاقتصادية أو يفلس العملاء. وبما أن مؤشر S&P يرى أن الاستحقاقات المرتفعة قد تكون مؤشرًا على مخاطر مستقبلية، استبعد العديد من أسهم التكنولوجيا الكبرى.
وفي حالة إنفيديا، أدى النمو السريع في المبيعات إلى ارتفاع كبير في رأس المال العامل. فقد ارتفعت حسابات العملاء المستحقة بـ 16 مليار دولار خلال عام لتصل إلى 33 مليار دولار، بينما ارتفعت حسابات الموردين بـ 3 مليارات دولار فقط لتصل إلى 8 مليارات دولار. هذا الفارق يجب على الشركة تمويله لحين تحصيل المستحقات.
أما مؤشر MSCI المعتمد من QUAL، فلا يستبعد الشركات بناءً على الاستحقاقات، بل يركز على نمو أرباح مستقر وهو ما تتمتع به شركات التكنولوجيا الكبرى بقوة. وقد درست MSCI العام الماضي إضافة معيار الاستحقاقات، لكنها تراجعت لعدم رغبتها في زيادة التغييرات الدورية في مكونات المؤشر.
ويُنظر إلى ارتفاع الاستحقاقات باعتباره أحد العوامل التي أثارت قلق المستثمرين مؤخرًا، خصوصًا مع ضخ شركات التكنولوجيا مئات مليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي دون مسار واضح لتحقيق الأرباح. هذا الاستثمار الضخم يستنزف السيولة المتاحة ويزيد من اعتماد الشركات على الاقتراض لتمويل مشاريعها.
ورغم أن الاستثمار الحالي على أمل تحقيق عوائد مستقبلية هو جوهر العملية الاستثمارية، إلا أن حجم الإنفاق على التكنولوجيا الجديدة وسط حالة كبيرة من عدم اليقين يُعد غير مسبوق بالنسبة لشركات بهذا الحجم.
