آسيا 2026: الإصلاحات والذكاء الاصطناعي في صدارة الاستثمار

مع انحسار التوترات التجارية عالميًا، يتجه مستثمرو آسيا إلى التركيز بشكل أكبر على الإصلاحات المؤسسية والسياسات الاقتصادية المحلية والذكاء الاصطناعي عند اتخاذ قراراتهم في عام 2026، وسط توقعات بفرص استثمارية في اليابان وكوريا الجنوبية والصين والهند، وفق مديري أموال ومحللين.
وفقاً لمصادر بلومبيرغ اليوم , يرى محللون وصناديق استثمارية، من بينها «فيدليتي إنترناشونال» و«تي. رو برايس غروب»، أن اليابان وكوريا الجنوبية مرشحتان للاستفادة بشكل خاص من إصلاحات الحوكمة المؤسسية التي تعزز حقوق المساهمين وترفع كفاءة الشركات، فيما يُتوقع أن تسهم السياسات التحفيزية في الصين والتدابير المالية في الهند في خلق فرص استثمارية إضافية. وفي الوقت نفسه، يتجه الاستثمار في الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة أوسع، مع تركيز متزايد على الأرباح وجودة العائدات، بحسب «برينسيبال لإدارة الأصول».
تواصل الإصلاحات المؤسسية دعم الأداء المتفوق للأسواق اليابانية والكورية الجنوبية. ففي اليابان، أدت سنوات من الأداء الضعيف إلى بقاء العديد من الشركات المتوسطة والبنوك خارج دائرة الاهتمام، إلا أنها باتت اليوم مؤهلة للاستفادة من رياح دورية مواتية وتغييرات هيكلية أعمق، وفق ماثيو كوايف من «فيدليتي إنترناشونال».
ومع زخم الإصلاحات، ومكاسب الأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وأجندة النمو لرئيس الوزراء الجديد، ارتفع مؤشر «توبكس» بنحو 20% هذا العام. كما يرى محللو «جيفريز فايننشال غروب» أن آفاق السوق اليابانية لعام 2026 «جذابة»، مدعومة بإصلاحات تقودها بورصة طوكيو وقيادة سياسية مؤيدة للنمو. وتشمل أبرز الأسهم المفضلة لديهم «نينتندو» و«أدفانتست» و«هيتاشي».
أما كوريا الجنوبية، فتسلك مسارًا مشابهًا من خلال حملة «تعزيز القيمة» (Value-Up) الهادفة إلى تحسين عوائد المساهمين. ولفت «جيه بي مورغان تشيس» إلى أن شركات مثل «هيونداي موتور» و«سامسونغ لايف إنشورنس» أحرزت تقدمًا ملموسًا، فيما كان مؤشر «كوسبي» من بين الأفضل أداءً عالميًا، مرتفعًا بنحو 70% هذا العام. كما بدأت سنغافورة بدورها إطلاق مبادرات مماثلة لتعزيز جاذبية سوقها المالية.
في الصين، لا تزال التحديات قائمة نتيجة تصحيحات سوق العقارات والضغوط الانكماشية وضعف الطلب المحلي. إلا أن صانعي السياسات يفضلون التركيز على الإصلاحات الهيكلية بدلًا من التحفيز واسع النطاق، مع إعطاء أولوية لتحديث التصنيع وتعزيز الاكتفاء الذاتي والريادة التكنولوجية.
ووفق مارسيللا تشاو من «جيه بي مورغان لإدارة الأصول»، فإن هذا التوجه الاستراتيجي قد يعود بالفائدة على قطاعات التكنولوجيا والتصنيع المتقدم على المدى الطويل. وقد ارتفع مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 16% منذ بداية العام، فيما تشير «غولدمان ساكس» إلى أن شركات مرتبطة بأولويات الخطة الخمسية الخامسة عشرة حتى 2030، مثل «كامبريكون تكنولوجيز» و«إكس بينغ»، في موقع جيد للحصول على دعم السياسات.
ووفقاً لبلومبيرغ , لا يزال الذكاء الاصطناعي يشكل محورًا رئيسيًا في استراتيجيات الاستثمار الآسيوية. فقد اختار «جيه بي مورغان» شركتي TSMC وSK Hynix كأفضل رهانات للعام المقبل، مع توقع استمرار نقص المعروض من الرقائق خلال معظم عام 2026. وسجل سهم TSMC مكاسب بنحو 33% هذا العام، فيما قفز سهم SK Hynix بأكثر من 200%.
كما عززت الطروحات البارزة لشركات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي في شنغهاي حماسة المستثمرين، في وقت يؤكد فيه خبراء أن التحدي الحقيقي يتمثل في قدرة الشركات على تحويل الوعود التكنولوجية إلى أرباح فعلية. وينصح مديرو أصول باعتماد نهج متنوع يشمل منصات التكنولوجيا الكبرى وسلاسل التوريد في تايوان وكوريا الجنوبية.
بالاضافة , مع تصاعد المخاوف بشأن تقييمات أسهم الذكاء الاصطناعي، يتجه المستثمرون إلى تنويع محافظهم، بما في ذلك زيادة الانكشاف على أسواق أقل ارتباطًا بتقلبات القطاع، مثل الهند. وتوصي «نومورا» بموازنة الاستثمارات بين التكنولوجيا وأسواق غير تقنية مغفلة، مع إبقاء اهتمام خاص بأسهم الطاقة والدفاع في كوريا الجنوبية.
ورغم ذلك، يشير خبراء إلى أن تقييمات السوق الهندية لا تزال مرتفعة ومقاربة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، وهو ما يعد أمرًا غير معتاد في سوق ناشئة، لكنه يعكس ثقة المستثمرين بآفاق النمو.
إلى جانب الأسهم، يبرز اهتمام متزايد بسندات بعض البنوك الآسيوية خارج اليابان، ولا سيما سندات الشريحة الإضافية الأولى (AT1)، التي توفر عوائد تقارب 6%. كما عادت السندات الحكومية الكورية إلى جذب المستثمرين بعد موجة بيع حادة، وسط توقعات بمحفزات إضافية، من بينها احتمال إدراجها في مؤشر «فوتسي راسل» العالمي لسندات الحكومات في عام 2026.
