ضريبة جديدة تهز سوق السيارات الكهربائية في بريطانيا

كسرت المملكة المتحدة محرّمًا قديمًا: قيادة السيارات الكهربائية لن تبقى معفاة من الضرائب وبحق. فما سيأتي هو تجربة ستراقبها كل الحكومات الغربية عن كثب.
إنه مسار محفوف بالمخاطر. فبريطانيا تسعى لاستبدال الضريبة الحالية على الوقود بضريبة جديدة على كل ميل تقطعه السيارات الكهربائية. وقد تكون المكاسب محدودة في أفضل الأحوال الحفاظ على الإيرادات الحكومية الحالية بينما الخسائر المحتملة هائلة: إذ قد تُعرّض المملكة المتحدة تبنّي المركبات الكهربائية للخطر، وتهدد آلاف الوظائف الصناعية، وتخلق فجوة مالية كبيرة إذا فشل النظام الجديد في تحقيق الإيرادات المتوقعة.
وفي التفاصيل، أعلنت وزيرة المالية البريطانية رايتشل ريفز أنه ابتداءً من عام 2028 ستفرض الحكومة ضريبة على المسافات المقطوعة: 3 بنسات لكل ميل للسيارات الكهربائية بالكامل و1.5 بنس للمركبات الهجينة القابلة للشحن. ومع ذلك، تبقى هذه التكلفة أقل من ضريبة الوقود الحالية التي تبلغ نحو 6 بنسات لكل ميل في سيارات البنزين.
وكان هذا التغيير ضروريًا. فمع نجاح الدول الأوروبية في خططها البيئية، من المتوقع أن تنهار إيرادات ضريبة الوقود خلال الـ25 سنة القادمة. وتشير تقديرات الخزانة البريطانية إلى أن الإيرادات ستنخفض إلى النصف لتصل إلى نحو 12 مليار جنيه إسترليني (12 مليار جنيه ≈ 15.6 مليار دولار) بحلول منتصف الثلاثينيات، ثم تهبط إلى أقل من 5 مليارات جنيه إسترليني (5 مليارات جنيه ≈ 6.6 مليارات دولار) بحلول عام 2050. وتحذّر هيئة الميزانية البريطانية من أن هذا الانخفاض «يشكّل خطرًا كبيرًا على استدامة المالية العامة».
وتواجه جميع الدول الصناعية المشكلة ذاتها، خصوصًا في أوروبا حيث الضرائب على الوقود مرتفعة. ولم تناقش سوى قلة من الدول إلى جانب بريطانيا الحاجة إلى ضرائب بديلة على المركبات الكهربائية، وموعد وكيفية تطبيقها. وتحسب لريفز شجاعتها في ترسيخ مبدأ أساسي: القيادة ستظل خاضعة للضريبة بغض النظر عن نوع المحرك. لكن مدى نجاح نهجها ما يزال غير واضح.
حتى الآن، استبعدت بريطانيا خيارات أخرى مثل دمج التكلفة ضمن الضرائب العامة، أو فرض ضرائب على الكهرباء المستخدمة في الشحن، أو زيادة رسوم تسجيل المركبات، أو استخدام أنظمة تعتمد على الـGPS لتتبع الحركة. وقد يحدد النموذج البريطاني ما إذا كانت هذه الخيارات ستُستبعد نهائيًا أو ستعود للبحث مستقبلًا.
وتتمثل المشكلة الأساسية في أن كل البدائل أقل كفاءة من ضريبة الوقود الحالية على الأقل من وجهة نظر الحكومة. فضرائب الوقود سهلة التحصيل لأنها تُفرض على شركات التكرير وليس على ملايين السائقين، كما يصعب التهرب منها.
أما النظام الجديد، فيتطلب من كل سائق إدخال قراءة عداد المسافات مرة سنويًا عبر موقع حكومي، مع التحقق لاحقًا من خلال فحص الصلاحية الإلزامي. وهذا يزيد من التعقيد والعبء الإداري مقارنة بفواتير بسيطة تُرسل لعدد قليل من مصافي النفط.
وتوجد بالفعل مخاوف من التلاعب بعدّادات المسافات، إذ تعترف الخزانة بأن 2.3% من السيارات في بريطانيا تم التلاعب بعدّاداتها. وتشير في ورقتها الاستشارية إلى أن النظام الجديد قد يزيد من "احتمالات قيام السائقين بتزوير العداد أو تعطيله".
ويزداد التعقيد مع تعدد أنواع المحركات. فالمركبات الهجينة القابلة للشحن ستخضع لضريبة مختلفة عن السيارات الكهربائية بالكامل، ما يخلق تشوّهات. فمثلًا، سيدفع سائقو الهجينة ضريبة لكل ميل بالإضافة إلى ضريبة الوقود عند استخدام محرك البنزين لمسافات طويلة، بينما سيستفيدون من معدل أقل لمسافات قصيرة باستخدام البطارية فقط. وقد يؤدي نظام مبني على المسافات لا على الاستهلاك إلى تشجيع ظهور مركبات كهربائية ضخمة وأقل كفاءة.
كما تظهر إشكالية السفر الدولي: فسائقو المركبات الكهربائية البريطانيون سيدفعون الضريبة حتى أثناء القيادة في الخارج وهو أمر قد ترفضه دول مثل فرنسا. وقد يتحول هذا إلى مشكلة للدول ذات السياحة الكثيفة مثل إسبانيا وإيطاليا. وبعد بريكست، تصبح المسألة أعقد: من يجمع الضريبة عندما ينتقل السائق من بلفاست إلى دبلن؟ وماذا لو فرضت إيرلندا ضريبة خاصة بها على الحدود؟
وتُدفع الضريبة الجديدة من قِبل مالك المركبة وليس السائق، ما يخلق مشاكل للشركات ولعقود التأجير. وتتوقع الخزانة أن مبيعات المركبات الكهربائية ستنخفض بنحو 400 ألف سيارة نتيجة هذه الضريبة وهو رقم قد يدفع الشركات إلى خفض الاستثمار وفرص العمل.
لقد حطمت بريطانيا محرّمًا استمر طويلًا في أوروبا، وسيتبعها آخرون. لكن الحقيقة غير المعلنة هي أن ضرائب المركبات الكهربائية سترتفع بشكل كبير خلال العقدين المقبلين. فالضريبة الجديدة تعوّض فقط ربع الانخفاض المتوقع في إيرادات ضريبة الوقود بحلول 2050. ويبقى السؤال: كيف ستسد الحكومات الفجوة المتبقية البالغة 75%؟ قد سقط محرّم… لكن آخر ما يزال قائمًا.
1 جنيه إسترليني ≈ 1.30–1.32 دولار أميركي
